ثم ينزل عيسى والمؤمنون الذين معه، وهنا تطيب الحياة حقاً، وتمر الأرض بأفضل أيامها؛ لأن الله يأمر الأرض أن تخرج بركتها، وكأن في ذلك -والعلم عند الله- رد على ما كان يصنعه الدجال، وينزع الله حمة كل ذي حمة، أي: كل صاحب أذى يخلص منه الأذى، يقول عليه الصلاة والسلام:(عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار عصابة تغزوا الهند) وهذه لا أعلم كيفيتها (وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم)؛ وهذه الفئة التي تكون مع عيسى بن مريم يبين لهم عيسى بن مريم درجاتهم في الجنة، وقد مكثوا أربعين يوماً يحاربون الدجال، وعصمهم الله جل وعلا من الدجال، فإذا مكن عيسى أخبرهم بدرجاتهم في الجنة، ويقول صلى الله عليه وسلم يخبر عن انصراف الناس عن الدنيا:(حتى تكون السجدة للرجل خير من الدنيا وما فيها)؛ لأن المؤمنين آنذاك يرون قرب الساعة؛ لأنهم يعيش بين أظهرهم عيسى ابن مريم، وهم على يقين من أن الساعة قريبة، وأن الأمر حق، فهم يرون نبياً من أنبياء الله يمشي بين أظهرهم فيتفرغون للعبادة، ولو شغل أحدهم بالدنيا لم ينشغل؛ لأن الأمور يقينيات وآيات ظاهرة، فلا يقبل أن يترك السجدة أبداً؛ لأنه يبحث عما يزيد في درجاته في أخراه.
ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين عاماً، ولا أدري أيدخل فيها ما مكث قبل خروج يأجوج ومأجوج أم لا، ولكن ذكر صلى الله عليه وسلم أنه: يمكث أربعين عاماً، قال صلى الله عليه وسلم:(طوبى للعيش بعد المسيح)، أي: بعد أن يؤمن الله جل وعلا العباد بالمسيح من يأجوج ومأجوج، ثم بعد ذلك يموت عيسى بن مريم، كما قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}[آل عمران:١٨٥]، ثم تتوالى بقايا أشراط الساعة تباعاً حتى تطلع الشمس من مغربها، ثم تكون نار تحشر الناس إلى أرض المحشر.