فهذا استطراد في أنهم انتفعوا بقدومهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وعندما قدم نصارى نجران صلوا جهة الشرق، وسكت النبي صلى الله عليه وسلم عنهم؛ لأن النصارى إلى اليوم يعظمون جهة المشرق؛ لأن مريم عندما خرجت من بيت لحم اتجهت مكاناً شرقياً كما أخبر الله، ثم إن الله جل وعلا أثنى على البيت الذي يعظمونه، فهم يعظمون مريم وكفيلها زكريا وأبوها عمران، قال الله جل وعلا:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[آل عمران: ٣٣ - ٣٤] وذلك لدعوتهم.
فقص الله الخبر حتى يستدر قلوبهم وليبين أن الدين لم يرد به مواجهة الناس، وإنما هو هداية الناس، ثم قال الله بعد ذلك:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}[آل عمران:٥٩ - ٦٠]، فلما أقام الله عليهم الحجة قال سبحانه:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}[آل عمران:٦١]، وأتت آية المباهلة.
والذي يعنينا أن أولئك النصارى قبلوا الجزية ولم يدخلوا في الإسلام، ثم توالت السنون إلى أيامنا هذا فظهرت النصرانية بقوة في أوروبا.