للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} (٢٥)؛تحذير شدّة العقوبة لمن أهاج الفتن، قال صلّى الله عليه وسلّم: [الفتنة راتعة في بلاد الله واضعة خطامها، فالويل لمن أهاجها]،وفي بعض الأخبار: [الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها] (١).

قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ؛} نزلت في المهاجرين خاصّة؛ أي احفظوا معشر المهاجرين إذ أنتم قليلون في العدّة مقهورون في أرض مكّة، {تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ؛} أي يختلسكم ويذهب بكم أهل مكّة، {فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٢٦)؛ فآواكم إلى المدينة وأعانكم يوم بدر بالملائكة، ورزقكم الحلال من الغنائم؛ لكي تشكروا الله وتعرفوا ذلك منه فتطيعوه.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢٧)،نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، فإنّ بني قريظة قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ابعث لنا خليفة من خلفائك ننزل على حكمه، فأبى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن ينزلوا إلاّ على حكم سعد بن معاذ، وكانوا يقولون: أرسل إلينا أبا لبابة، وكان عياله وولده وأهله عندهم، فبعثه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إليهم، فقالوا: يا أبا لبابة أننزل على حكم سعد بن معاذ، فأشار بيده إلى حلقه؛ أي إنّه الذبح فلا تفعلوا، ولم يتكلّم بلسانه، فأنزل الله هذه الآية، قال أبو لبابة: (فما زالت قدماي من مكانهما حتّى علمت أنّي خنت الله ورسوله).فذلك قوله تعالى: {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)} كما فعل أبو لبابة.

فلما نزلت هذه الآية شدّ أبو لبابة نفسه على سارية من سواري المسجد، وقال (لا أذوق طعاما ولا شرابا حتّى أموت، أو يتوب الله عليّ) فمكث سبعة أيّام لا يذوق فيها طعاما ولا شرابا حتى خرّ مغشيّا عليه، ثم تاب الله عليه، فجاء رسول الله


(١) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن: الحديث (١٥ و ٣٤٤) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه سعيد ابن سنان، ترجم له ابن حجر في التهذيب: الرقم (٢٤٠٦)؛قال: ((الحنفي متروك رماه الدارقطني وغيره بالوضع)).ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في الحلية: ج ٦ ص ١٠١ عن أبي الدرداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>