وقيل: معناه يجعل لكم مخرجا ونجاة في الدّنيا والآخرة. وقال الضحّاك:
(فرقانا: أي ثباتا).قوله تعالى: {(وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ)} أي يمح عنكم ذنوبكم، ويستر عليكم خطاياكم ولا يؤاخذكم بها، {وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(٢٩)؛ أي عظيم الفضل على عباده أسدى لهم بالنّعم.
قوله تعالى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} ذكّر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فعقب ما أنعم الله عليه من النصر والظفر يوم بدر وما كان من مكر المشركين في أمره بمكة فقال: {(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)} أي اذكر تلك الحالة.
قال ابن عبّاس: (وذلك أنّ رؤساء قريش اجتمعوا في دار النّدوة يمكرون برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويحتالون له، منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة؛ وأبو جهل؛ وأبو سفيان؛ والنّضر بن الحارث؛ وأبو البحتريّ بن هشام؛ ونبيه ومنبه؛ وأبيّ بن خلف وربيعة بن الأسود، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ كبير عليه ثياب أطمار، فجلس بينهم فقالوا: ما لك يا شيخ دخلت في خلوتنا بغير إذننا؟! فقال: أنا رجل من أهل نجد قدمت مكّة، فأراكم حسنة وجوهكم طيّبة روائحكم، فأحببت أن أسمع حديثكم فأقتبس منكم خيرا فدخلت، وإن كرهتم مجلسي خرجت، وما جئتكم إلاّ أنّي سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضر معكم، ولن تعدموا منّي رأيا ونصحا. فقالوا:
هذا رجل لا بأس عليكم منه.
فتكلّموا فيما بينهم، فبدأ عمرو بن هشام فقال: أمّا أنا فأرى أن تأخذوا محمّدا، فتجعلوه في بيت تسدّون عليه بابه؛ وتشدّون عليه وثاقه؛ وتجعلون له كوّة تدخلون عليه طعامه وشرابه، فيكون محبوسا عندكم إلى أن يموت. فقال إبليس:
بئس ما رأيت! تعمدون إلى رجل له فيكم أهل بيت، وقد سمع به من حولكم فتحبسوه، يوشك أن يقاتلكم أهل بيته ويفسدوا عليكم جماعتكم. فقالوا صدق والله الشّيخ.