وقال قتادة ومجاهد:(أمّا مستقرّها ففي الرّحم، وأمّا مستودعها ففي الصّلب){كُلٌّ؛} ذلك عند الله، {فِي كِتابٍ مُبِينٍ}(٦)؛يعني اللوح المحفوظ، والمعنى: أن ذلك ثابت في علم الله.
قوله تعالى: {(إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها)} قال المفسّرون: فضلا لا وجوبا، والله تكفّل بذلك بفضله. قال أهل المعاني (على) ههنا بمعنى (من)،المعنى: إلاّ من الله رزقها.
قوله تعالى: {(كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ)} أي رزق كلّ دابّة وأجلها مكتوب في اللوح.
قال ابن عبّاس:(إنّ ممّا خلق الله تعالى لوحا محفوظا من درّة بيضاء، دفّتاه من ياقوتة حمراء، عرضه ما بين السّماء والأرض، كتابه نور وقلبه نور، ينظر الله تعالى فيه كلّ يوم ثلاثمائة وستّين نظرة، يخلق بكلّ نظرة ويحيي ويميت ويعزّ ويذلّ ويفعل ما يشاء)،قال أبو روق:(أعلاه معقود بالعرش، وأسفله في حجر ملك كريم يسمّى ماطوتون)(١).
قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ؛} يعني قبل أن خلق السموات والأرض، قال ابن عبّاس:(خلق الله السّماوات والأرض في ستّة أيّام، أوّلها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، ولو أراد سبحانه خلقها في أقلّ من لحظة لفعل).
قوله تعالى: {(وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ)} فيه بيان أنّ السموات والأرض ليستا بأوّل خلق، وأنه تقدّمهما خلق شيء آخر، وفيه بيان زيادة القدر؛ لأن العرش مع كونه أعظم من السموات والأرض كان على الماء، ولم يكن ذلك الماء على قرار، ولكنّ الله عزّ وجلّ أمسكه بقدرته.
قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً؛} أي ليبلوكم فينظر أيّكم أحسن عملا، فيثيب المطيع المعتبر بما يرى من آيات السموات والأرض، ويعاقب أهل العناد.
(١) هكذا رسمها في المخطوط، ولم أقف على النص في كتب التفسير.