للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: أنّ يوسف عليه السّلام قال له: ثم يأتي من بعد هذه السنين الأربعة عشرة، سنة فيها يغاث الناس. يجوز أن يكون هذا من الغوث؛ أي يغيث الله في تلك السّنة عباده فتزكوا فيها زروعهم وفواكههم وأعنابهم. ويجوز أن يكون من الغيث وهو المطر؛ أي آتاهم الله بالأمطار والخصب في تلك السّنة.

قوله تعالى: {(وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)} قرأ أهل الكوفة إلاّ عاصما بالتّاء؛ لأن الكلام كلّه خطاب، وقرأ الباقون بالياء ردّه إلى الناس، قال أكثر المفسّرين: يعصرون العنب خمرا، والزيتون زيتا، والسمسم دهنا، وهنا أراد يعصرون الأعناب والأثمار والحبوب من كثرة الغيث والخير. وقيل: معناه: ينجون من البلاء والشدّة، والعصرة النجاة والملجأ، قال الشاعر (١):

صاديا يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصرة المنجود

ومن قرأ «(يعصرون)» بضمّ الياء ونصب الصاد، فمعناه يعصرون من قوله {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً} (٢).

فلمّا رجع الرسول إليه وأخبره بمقالته، قال الملك: ائتوني به، فذلك قوله تعالى: {وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ؛} قال له: إن الملك يدعوك، قال؛ له يوسف: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ؛} سيّدك الملك، {فَسْئَلْهُ؛} حتى يسأل، {ما بالُ،} عن شأن، {النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ؛} أكنّ صادقات على يوسف أم كاذبات عليه، وليعلم صحّة براءتي، وأنّي مظلوم بالحبس، وأبى أن يخرج مع الرسول، {إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} (٥٠)،وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

[لقد عجبت من صبر أخي يوسف وكرمه، ولو كنت أنا الّذي دعيت إلى الخروج لبادرتهم إلى الباب، ولكنّه أحبّ أن يكون له العذر] (٣).


(١) أبو زبيد الطائي: حرملة بن المنذر الطائي، من المعمّ رين أدرك الإسلام، واستعمله عمر بن الخطاب على صدقات قومه طيئ، اعتزل علي ومعاوية مع صديقه الوليد بن عقبة بن أبي معيط، توفي في الرقة (٤١ هـ‍).
(٢) النبأ ١٤/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (١٤٨٣٣) بأسانيد عديدة عن أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث (١٤٨٣٤) عن عكرمة مرسلا. وابن أبي حاتم في التفسير: الحديث (١١٦٨٥).وهو في المسند: ج ٢ ص ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>