مولود وضع لثمانية أشهر غير عيسى عليه السّلام، وقال بعضهم: ستة أشهر، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: ساعة واحدة.
وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما:(ما هو إلاّ أن حملت فوضعت، ولم يكن بين الحمل والإنباذ إلاّ ساعة؛ لأنّ الله تعالى لم يذكر بينهما فصلا).وقال مقاتل:
(حملته في ساعة وصوّر في ساعة، ووضعته في ساعة حين زالت الشّمس من يومها وهي بنت عشر سنين، وقد حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى عليه السّلام).قوله تعالى: {(مَكاناً قَصِيًّا)} أي مكانا بعيدا. قال ابن عبّاس:(أقصى الوادي فرارا من قومها أن يعيّروها بولادتها من غير زوج).
قوله تعالى:{فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ؛} أي ألجأها، ويقال: جاء بها وأجاءها بمعنى واحد، كما يقال ذهب به وأذهبه. والمخاض: وجع الولادة، وقيل: تحرّك الولد للولادة، وقيل: الحمل. وقرأ عبد الله: «(فآواها المخاض)».وقوله تعالى:{إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ؛} وكانت نخلة يابسة في الصحراء ولم يكن لها سعف أي لا رأس لها، وقيل: كان جذعا ميتا قد أتي به لبناء بيت.
قوله تعالى:{قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا}(٢٣) أي لم أخلق، وقيل: شيئا متروكا لا يذكر، والنّسي في كلام العرب: الشيء الحقير الذي إذا ألقي نسي، ولم يلتفت إليه. قال السديّ:(إنّما تمنّت مريم الموت استحياء من النّاس، خافت الفضيحة)(١).
وقيل: للحال الذي دفعت إليها من الولادة، والصحيح: أنّها إنّما تمنّت لعلمها بأنّ الناس سيرمونها بالفاحشة فيأثمون بسببها، فتمنّت أن تكون ماتت قبل أن تقول الناس بسببها قولا يسخط الله تعالى. قرأ حمزة وحفص {(نَسْياً)} بفتح النون وهما لغتان.