للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي؛} قال ابن عبّاس والسديّ والضحّاك وقتادة: (إنّ المنادي من تحتها هو جبريل عليه السّلام، كأنّه كان في مكان أسفل من مكانها، فناداها ألاّ تحزني يا مريم على ولادة عيسى، فقد أحسن الله لك الاختيار، وجعل تحتك سريّا).قال السديّ: (هو النّهر الصّغير، سمّي سريّا؛ لأنّه يسري لجريانه) (١).

وقال الحسن: (هو عيسى، وهو والله السّريّ من الرّجال) (٢).وهذا التأويل على قراءة من قرأ {(مِنْ تَحْتِها)} بكسر الميم والتّاء، وهي قراءة نافع وحمزة والكسائي وحفص، وقرأ الباقون بالفتح وهو عيسى عليه السّلام لمّا خرج من بطن أمّه ناداها ألاّ تحزني، {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} (٢٤)؛أي نهرا صغيرا.

قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ؛} قال ابن عبّاس: (ضرب جبريل، وقيل: عيسى عليه السّلام برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب، وجرى تحت النّخلة، فحيت بعد يبسها فأورقت وأثمرت ورطبت).ومعنى الآية: حرّكي وخذي إليك جذع النخلة. والباء فيه زائدة، تقول العرب: هزّه وهزّ به، وخذ بالخطام وخذ الخطام.

قوله تعالى: {تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا} (٢٥)؛قرأ يعقوب «(يساقط)» بالياء، يعني الجذع، وقرأ حفص بالتاء وضمّها وتخفيف السّين وكسر القاف. وقرأ حمزة «(تساقط)» بفتح التاء والقاف مخفّفا، وقرأ الباقون بفتح التاء وتشديد السين؛ أي يتساقط، فأدغمت الياء في السين. معناه: يسقط عليك النخلة، والرطب الجنيّ: هو الجنيّ من الثمرة الرطبة الطريّة. ونصب {(رُطَباً)} على التفسير. ومن قرأ {(تُساقِطْ)} بالضم انتصب على المفعول.


(١) في كتاب الغريبين: ج ٣ ص ٨٩٢: (سرى):قال الهروي: (أي جدولا ونهرا وسمّي النهر سريّا؛ لأنّ الماء يسري فيه أي يمرّ جاريا).وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ١١ ص ٩٤؛ قال القرطبي: (قال الجمهور: أشار لها إلى الجدول الذي كان قريبا من النخلة. قال ابن عباس: كان ذلك نهرا قد انقطع ماؤه، فأجراه الله تعالى لمريم، والنهر يسمى سريا؛ لأن الماء يسري فيه).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٨٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>