للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعطاء ومجاهد إلى الحسن فسألوه عن هذه الآية، فقال: (اللهو المرأة) (١).وفي رواية الكلبيّ: (اللهو الولد) (٢).وقيل: معناه: لو أردنا أن نتّخذ شريكا أو ولدا أو امرأة لم يكن لنتّخذها مما نسبتمونا (٣) إليه من الذي لا يسمع ولا يعقل ولا من هذه النساء والولدان، بل كما نتّخذه من جنس أشرف من هذا الجنس كما قال تعالى في آية أخرى {لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ} (٤).وقيل: معناه: لو أردنا أن نتخذ ولدا نلهو به لاتّخذناه عندنا لا عندكم؛ لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده وبحضرته.

نزلت هذه الآية في الّذين قالوا اتّخذ الله ولدا، ولو كان ذلك جائزا في صفة الله تعالى لم يتخذ بحيث لم يظهر لكم، ويستره حتى لا تطّلعوا عليه، تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا. قوله تعالى: {إِنْ كُنّا فاعِلِينَ} (١٧)؛أي كنّا ممّن يفعل ذلك، ولسنا ممن يفعله، وقيل: {(أَنْ)} هنا بمعنى (ما) أي ما كنّا فاعلين.

قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ؛} أراد بالحقّ القرآن، وبالباطل الكفر، وقيل: معناه: دع ذاك الذي قالوا فإنه كذب وباطل، بل نقذف بالحقّ على الباطل من كذبهم، {(فَيَدْمَغُهُ)} أي فيهلكه ويذهبه، {فَإِذا هُوَ زاهِقٌ؛} أي زائل ذاهب، والمعنى: إنّا نبطل كذبهم مما تبيّن من الحقّ حتى يضمحلّ ويذهب، ثم أوعدهم على قولهم فقال: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ} (١٨)؛أي لكم العذاب مما تصفون الله تعالى به من الصّاحبة والولد.

ثم بيّن أن جميع الخلق عبيده، فقال:

{وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} عبيدا وملكا، {وَمَنْ عِنْدَهُ؛} يعني الملائكة، {لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ؛} قال الزجّاج: (إنّ الّذين ذكرتموهم بأنّهم أولاد الله هم عباده ولا يأنفون عن عبادته، ولا يتعظّمون عنها)، {وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} (١٩)؛أي ينقطعون عن العبادة من الإعياء والتّعب، من قولهم: بعير حسير اذا أعيا وقام.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٤٩٣)
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: النص (١٣٦١٥) عن عكرمة.
(٣) في المخطوط: رسم مبهم غير واضح، واخترنا أقرب حرف له فأثبتناه.
(٤) الزمر ٤/.

<<  <  ج: ص:  >  >>