للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكرّر عليهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّة بعد أخرى حتّى قالوا: نعم، فخرج عبد الله بن سلام وقال لهم: ألم يأتكم في التّوراة عن موسى عليه السّلام: إذا رأيتم محمّدا صلّى الله عليه وسلّم فأقرءوه منّي السّلام وآمنوا به؟ ثمّ جعل يوقفهم من التّوراة على مواضع منها فيها ذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصفته، وكانوا يستكبرون ويجحدون، فقال عبد الله بن سلام للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله، أرسلك بالهدى ودين الحقّ. فقالوا: ما كنت أهلا لما أتينا عليك، ولكنّك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك (١).

ومعنى الآية: أخبروني ماذا تقولون إن كان القرآن من عند الله، أنزله وكفرتم أيّها المشركون، (وشهد شاهد من بني إسرائيل) عبد الله بن سلام على صدق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في نبوّته (على مثله) أي عليه أنّه من عند الله، والمثل صلة. وقوله تعالى (فآمن) يعني الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان به، وجواب (إن) محذوف؛ وتقديره: أليس قد ظلمهم.

قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ} (١٠)؛وقيل: تقدير الجواب: (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) أفأمنوا عقوبة الله، {(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ)} يعني المعاندين بعد الوضوح والبيان يحرمهم الله الهداية.

قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ؛} أي قال الكفار من بني أسد وغطفان وأشجع لمن أسلم من جهينة ومزينة وأسلم وغفار: (لو كان هذا) يعنون القرآن (خيرا) مما نحن عليه لما سبق رعاة الشاة ونحن أرفع منهم، {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ؛} مع ظهوره ووضوحه، {فَسَيَقُولُونَ} مع ذلك، {هذا؛} القرآن؛ {إِفْكٌ قَدِيمٌ} (١١)؛كذب متقادم اتّبعه محمّد وأحبّاؤه في عصره.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن: الآثار (٢٤١٧٢ - ٢٤١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>