للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال أحدهما: هذا الّذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتّى رجم كرجم الكلب، فسكت عنهما حتّى مرّا على جيفة حمار، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [انزلا فأصيبا أكلة منه] فقالا:

يا رسول الله أنأكل من هذه الجيفة؟! فقال: [فما أصبتما من لحم أخيكما أعظم عليكما، أما إنّه الآن في أنهار الجنّة ينغمس فيها] (١).

وقال صلّى الله عليه وسلّم: [لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم ولحومهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء يأكلون لحوم النّاس ويقعون في أعراضهم] (٢).وقال رجل لابن سيرين: إنّي قد اغتبتك فاجعلني في حلّ، قال: (إنّي أكره أن أحلّ ما حرّم الله تعالى) (٣).

والغيبة في اللغة: هي ذكر العيب بظهر الغيب، وذكر عيب الفاسق المصرّ على فسقه بمعنى يرجع إلى قبائح أفعاله على وجه التحقير له فليس بغيبة كما ورد في الحديث: [اذكروا الفاجر عمّا فيه كي يحذره النّاس] (٤).

وكان الحسن يقول في الحجّاج: (جاءنا أخيفش وأعيمش، يخرج إلينا ثيابا قصيرة، والله ما عرف فيها عينان في سبيل الله، يرجّل جمّته ويخطر في مشيته، ويصعد المنبر فيهدر حتّى تفوته الصّلاة، لا من الله يتّقي ولا من النّاس يستحي، فوقه الله وتحته مائة ألف أو يزيدون، لا يقول له قائل: الصّلاة أيّها الرّجل) ثم جعل الحسن يقول: (هيهات والله!! حال دون ذلك السّيف والسّوط) (٥).


(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب رجم ماعز: الحديث (٤٤٢٨).والدارقطني في السنن: ج ٣ ص ١٩٦.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط: ج ١ ص ٣٢:الحديث (٨).والإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٢٩٩.وأبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب في الغيبة: الحديث (٤٨٧٨).
(٣) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٨٦.
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١٩ ص ٣٥٧ - ٣٥٨:الحديث (١٠١٠).وفي المعجم الأوسط: ج ٥ ص ١٨٩:الحديث (٤٣٦٩).وفي المعجم الصغير: ج ١ ص ٣٥٧:الحديث (٥٩٨).وفي مجمع الزوائد: ج ١ ص ١٤٩؛قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الثلاثة وإسناد الأوسط والصغير حسن رجاله موثوقون واختلف في بعضهم اختلافا لا يضر).
(٥) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>