للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ؛} أي ذلك الجلاء والعذاب بأنّهم خالفوا أولياء الله وأخذوا في شقّ غير شقّ أولياء الله ورسوله، {وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ،} ومن يخالف الله ورسوله في الدّين ففعل فعل هؤلاء، {فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} (٤)؛له في الدّنيا والآخرة.

قوله تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ؛} وذلك أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا نزل ببني النّضير وتحصّنوا في حصونهم، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها، فقالت اليهود: ما بعث نبيّ إلاّ بالصّلاح، وليس في هذا إلاّ إفساد المعيشة علينا وعليهم، وقالوا: يا محمّد إنّك تريد الصّلاح، أفمن الصّلاح قطع النّخيل والأشجار؟ وهل وجدت فيما زعمت أنزل الله عليك الفساد في الأرض.

فشقّ ذلك على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ووجد المسلمون في أنفسهم من ذلك مشقّة، وكان بعض المسلمين يمعنون في قطع النّخل، وبعضهم ينهى عن ذلك، فأنزل الله تعالى هذه تصديقا للّذين نهوا عن قطع النّخيل وتحليلا لمن قطعه، وبراءة لهم من الإثم وتصويبا للفريقين، فقال تعالى {(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ)} بيّن أنّ ما قطع منها قطع بإذن الله، وما ترك منها بإذن الله (١).

واللّينة هي النّخلة، قال ابن عبّاس وقتادة: (اللّينة هي كلّ نخلة ما لم تكن عجوة)،وقيل: اللّينة: ما خلا العجوة والبرني وجمعه ليان، وروي: [أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقطع نخيلهم إلاّ العجوة] (٢) قال عكرمة: (والنّخل كلّه ليان ما خلا العجوة) (٣)، وقال سفيان: (اللّينة هي كرام النّخل) (٤).وقال مقاتل: (هو ضرب من النّخل ثمرها


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٦٢١٩ - ٢٦٢٢٢).
(٢) أخرجه مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٣٣٩ بسنده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والعجوة ضرب من أجود التّمور بالمدينة، ونخلتها تسمى (لينة).مختار الصحاح: ص ٤١٦.
(٣) في الدر المنثور: ج ٨ ص ٩٨؛ قال السيوطي: (أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة) وذكره.
(٤) ذكره الثعلبي أيضا في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>