للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فتفسير المفردات والتراكيب ألفاظا وعبارات محصور في اللغة العربية وحدها وممنوع أن يفسّر بغيرها مطلقا. هذا ما يقتضيه واقعه من هذه الجهة.

أما واقعه من حيث المعاني الشرعيّة كالصلاة والصيام، والأحكام الشرعية كتحريم الرّبا، وحلّ البيع، والأفكار التي لها واقع شرعي كالملائكة والشياطين، فإن الثابت أن القرآن جاء في كثير من آياته مجملا، وجاء الرسول وفصّله، وعامّا وجاء الرسول وخصّصه. ومطلقا وجاء الرسول وقيّده. وبيّن الله فيه أن الرسول هو الذي يبيّنه، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (١) فالقرآن من هذه الجهة يحتاج فهمه إلى الاطّلاع على ما بيّنه الرسول من معاني مفردات القرآن وتراكيبه، سواء أكان هذا البيان تخصيصا، أو تقييدا أو تفصيلا، أو غير ذلك. ولهذا كان لا بدّ لفهم القرآن من الاطلاع على السّنة المتعلقة بالقرآن، أي على السّنّة مطلقا، لأنّها بيان للقرآن، حتى يعرف من هذه السّنة ما في القرآن من معان وأحكام وأفكار.

ولهذا كان الاقتصار على فهم القرآن من حيث هو فهما كاملا لا يكفي فيه الاقتصار على اللغة العربية، بل لا بد أن يكون مع معرفة اللغة العربية معرفة السّنة، وإن كانت اللغة العربية وحدها هي التي يرجع إليها لفهم مدلولات المفردات والتراكيب، من حيث ألفاظها وعباراتها. ولكن لفهم القرآن كله لا بد من جعل السّنة واللغة العربية أمرين حتميّين، وحتميّ أن يسيرا معا لفهم القرآن، وأن يتوفرا لمن يريد أن يفسّر القرآن. وأن يجعلا الواسطة لفهمه وتفسيره.

أما القصص الواردة فيه عن الأنبياء والرّسل والحوادث التي قصّها عن الأمم الغابرة، فإنه إن ورد فيها حديث صحيح أخذ، وإلا فيقتصر عند ما ورد عنها في القرآن في مجموع الآيات، ولا يصحّ أن تعرف عن غير هاتين الطريقين. لأنّها من ناحية المفردات والتراكيب لا سبيل إلى التوراة والإنجيل لفهم المفردات والتراكيب التي روت القصص، ولا علاقة للتوراة والإنجيل في فهم هذه المفردات والتراكيب.


(١) النحل ٤٤/.

<<  <  ج: ص:  >  >>