للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ؛} قال الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام؛ وأسد بن كعب وأخيه أسيد؛ وثعلبة بن قيس؛ وسلام ابن أخت عبد الله بن سلام؛ وسلمة ابن أخيه؛ ويامين بن يامين، فهؤلاء مؤمنو أهل الكتاب، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله؛ إنّا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتّوراة وبعزير، ونكفر بما سواه من الكتب والرّسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [بل آمنوا بالله وبرسوله محمّد وبالرّسل كلّهم وبكتابه القرآن وبكلّ كتاب أنزله الله] قالوا: لا (١) نفعل، فأنزل الله هذه الآية (٢).

ومعناها: {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)} بمحمّد والقرآن وموسى والتّوراة {(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ)} محمّد {(وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)} يعني الكتب المتقدّمة التّوراة والإنجيل والزّبور وسائر الكتب المنزّلة، {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} (١٣٦)؛أي أخطأ خطأ بعيدا، فلمّا نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله؛ إنّا نؤمن بالله وبرسوله والقرآن؛ وكلّ كتاب كان قبل القرآن؛ وكلّ رسول كان من قبل؛ والملائكة واليوم الآخر لا نفرّق بين أحد منهم، كما فرّقت اليهود والنصارى.

ومعنى الآية: يا أيّها الّذين آمنوا بموسى والتوراة وعيسى والإنجيل آمنوا بمحمّد والقرآن. قال أبو العالية وجماعة من المفسّرين: (هذه الآية خطاب للمؤمنين، وتأويلها:

يا أيّها الّذين آمنوا آمنوا؛ أي أقيموا واثبتوا على الإيمان).وقال بعضهم: إنّها خطاب للمنافقين؛ ومعناها: يا أيّها الذين آمنوا في الملأ آمنوا في الخلاء. وقوله تعالى: {(وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)} أي من يجحد بوحدانيّة الله تعالى وبملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت؛ فقد أخطأ خطأ بعيدا عن الحقّ والصواب.


(١) (لا) سقطت من المخطوط.
(٢) في الدر المنثور: ج ٢ ص ٧١٦؛ قال السيوطي: «أخرجه الثعلبي عن ابن عباس».في تفسيره. ينظر: اللباب في علوم الكتاب: ج ٧ ص ٧١،أخرجه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٣ ص ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>