للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً؛} اختلف المفسّرون في هذه الآية، فقيل: إنّ المراد بهم اليهود. قال الكلبيّ: (آمنوا بموسى؛ ثمّ كفروا بعد موته، ثمّ آمنوا بعزير عليه السّلام، ثمّ كفروا بعد عزير بعيسى عليه السّلام، ثمّ ازدادوا كفرا بمحمّد صلى الله عليه وسلم والقرآن).وقال مقاتل: (آمنوا بموسى عليه السّلام، ثمّ كفروا بعد موته، ثمّ آمنوا بعيسى عليه السّلام، ثمّ كفروا بعد ما رفع إلى السّماء، ثمّ أقاموا على كفرهم بمحمّد صلى الله عليه وسلم والقرآن).وقيل: آمنوا بموسى عليه السّلام، ثم كفروا بعده بعيسى عليه السّلام، ثم كفروا بمحمّد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، ثم كفروا به بعد ما بعث، ثم أقاموا على كفرهم. وقال قتادة: (آمن اليهود بموسى ثمّ كفروا به بعبادة العجل، ثمّ آمنوا بالتّوراة، ثمّ كفروا بعد ذلك بعيسى، ثمّ ازدادوا كفرا بنبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم) (١).

قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ؛} أي ما داموا على كفرهم؛ {وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً} (١٣٧)؛أي ولا يوفّقهم طريقا إلى الإسلام، ولكن يخذلهم مجازاة لهم على كفرهم. فإن قيل: إنّ الله لا يغفر كفر مرّة؛ فما الفائدة في قوله {(ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) قيل: إنّ الكافر إذا آمن غفر له كفره، فإذا كفر بعد إيمانه لم يغفر له كفره الأول، وهو مطالب بجميع كفره.

قوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} (١٣٨)؛خوّف المنافقين عبد الله بن أبيّ وأصحابه، ومن يكون على سبيلهم إلى يوم القيامة بأنّ لهم عذابا وجيعا يخلص وجعه إلى قلوبهم.

قوله عزّ وجلّ: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ؛} أي هم الذين يتّخذون اليهود أحبّاء في العون والنّصرة من دون المؤمنين المخلصين الموحّدين. قوله تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ؛} هذا استفهام بمعنى الإنكار؛ أي كيف يطلبون عند الكفّار العزّة وهم أذلاّء في حكم الله تعالى، {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} (١٣٩)؛أي فإنّ القوة والمنعة لله جميعا، فمن أراد طلب العزّة فليطلبها من الله تعالى؛ لأنه المقدّر بجميع من له العزّة من خلقه لجميع العزّة له.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٨٤١٧ و ٨٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>