للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال بعضهم: لمّا دعا عيسى ربّه أن ينزّل عليهم مائدة من السّماء، أقبلت الملائكة بمائدة يحملونها، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعوها بين أيديهم، فأكل منها آخرهم كما أكل أوّلهم.

وقال الكلبيّ: (دعا عيسى عليه السلام شمعون الصّفّار، وكان أفضل الحواريّين، فقال: هل معك طعام؟ قال: نعم؛ معي سمكتان وسبعة أرغفة، قال: عليّ بها، فقطّعها عيسى قطعا صغارا، ثمّ قال: اقعدوا وترافقوا رفقة، كلّ رفقة عشرة، ثمّ قام عيسى فدعا الله فاستجاب له، وأنزل فيه البركة، فصار خبزا صحاحا وسمكا صحاحا، ثمّ قال: كلوا بسم الله، فجعل الطّعام يكثر حتّى بلغ ركبهم، فأكلوا كلّهم وفضل شيء كثير.

وكان النّاس يومئذ خمسة آلاف ونيّفا، فقال النّاس جميعا: نشهد أنّك عبد الله ورسوله. ثمّ سألوه مرّة أخرى، فدعا عيسى فأنزل الله خبزا وسمكا وخمسة أرغفة وسمكتين، فصنع بها ما صنع بالمرّة الأولى، فلمّا رجعوا إلى بيوتهم ونشروا هذا الحديث، ضحك منهم من لم يعاين ذلك، وقالوا لهم: إنّما سحر أعينكم، فمنهم من ثبّته الله تعالى على بصيرته، ومنهم من رجع إلى كفره، فمسخوا خنازير) (١).

وعن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه قال: (لمّا سألت الحواريون عيسى أن ينزّل عليهم مائدة، لبس صوفا وبكى؛ وقال: اللهمّ أنزل علينا مائدة من السّماء، وارزقنا عليها طعاما نأكله وأنت خير الرّازقين، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين، غمامة من فوقها، وغمامة من تحتها، وهم ينظرون إليها منقضّة تهوي حتّى نزلت بين أيديهم.

فبكى عيسى وصلّى وقال: اللهمّ اجعلني من الشّاكرين، واليهود ينظرون إليها لم يروا مثله قط، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه. فقام عيسى فتوضّأ وصلّى ركعتين صلاة طويلة، وبكى كثيرا.

وكشف المنديل عنها وقال: بسم الله خير الرّازقين، فإذا هي سمكة طويلة مشويّة ليس عليها فلوسها (٢) ولا شوك فيها، تسيل سيلا من الدّسم، وعند رأسها


(١) ينظر: اللباب في علوم الكتاب للحنبلي: ج ٧ ص ٦٣٦.
(٢) في الدر المنثور: ج ٣ ص ٢٣٣: «ليس عليها بواسير».

<<  <  ج: ص:  >  >>