ملح وعند ذنبها خلّ، وحولها من ألوان البقول ما خلا الكرّاث، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون، وعلى الآخر عسل، وعلى الثّالث بيض، وعلى الرّابع خبز، وعلى الخامس قديد.
فقال شمعون: يا روح الله أمن طعام الدّنيا هذا أم من طعام الآخرة، فقالوا: لا من طعام الدّنيا ولا من طعام الآخرة، ولكنّه شيء أنشأه الله بقدرته العالية، فكلوا ممّا سألتم يمددكم ربّكم ويزيدكم من فضله، فقالوا: يا رسول الله لو أريتنا آية أخرى؟
فقال عيسى عليه السلام: يا سمكة احيي بإذن الله، فاضطربت السّمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها، ففزعوا من ذلك. فقال: ما لكم تسألون أشياء فإذا أعطيتموها كرهتموها؟ ما أخوفني عليكم أن تعذبوا، يا سمكة عودي كما كنت بإذن الله تعالى، فعادت مشويّة كما كانت.
فقالوا: يا روح الله كن أنت أوّل من يأكل منها ثمّ نأكل نحن، فقال: معاذ الله أن آكل منها، ولكن يأكل منها من سألها. فخافوا أن يأكلوا منها، فدعا عيسى أهل الفاقة والمرضى وأهل البرص والجذام والمقعدين والمبتلين، فقال: كلوا من رزق الله لكم المهنأ ولغيركم البلاء، فأكلوا منها فصدر عنها ألف وثلاثمائة من رجل وامراة وفقير وزمن وأبرص ومبتلى كلّهم شبعان يتجشّأ.
ثمّ نظر عيسى إلى السّمكة فإذا هي كهيأتها، وطارت الملائكة بالمائدة صعدا وهم ينظرون إليها حتّى توارت عنهم، فلم يأكل يومئذ منهم زمن إلاّ صحّ، ولا مريض إلاّ برأ، ولا مبتلى إلاّ عوفي، ولا فقير إلاّ استغنى ولم يزل غنيّا حتّى يموت، وندم من لم يأكل منها من الحواريّين.
وكانت إذا نزلت اجتمع الأغنياء والفقراء والضّعفاء والكبار والصّغار والرّجال والنّساء، يزدحمون عليها، فلمّا رأى ذلك عيسى جعلها نوبة بينهم، فلبثت أربعين صباحا تنزل صبحا، فلا تزال منصوبة يأكلون منها حتّى إذا فاء الفيء طارت صعدا وهم ينظرون، وكانت تنزل يوما ولا تنزل يوما، يعني كانت تنزل غبّا كناقة صالح عليه السلام، فأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: اجعل مائدتي ورزقي للفقراء دون