قال الشيخ الألباني: وهنا لا بد لي من بيان خطأ وقع في شرح الحافظ لحديث عائشة في نزول آية (الخُمُر) المتقدمة، فقال الحافظ قول عائشة:" فاختمرن بها": (أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها، وترميمه من الجانب الأيسر، وهو التقنع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها، وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار). فأقول: تفسير الحافظ " غطين وجوههن" يناقض قوله: " وصفة ذلك ... " فإن هذا لو طُبَّق لوجد الوجه مكشوفاً غير مغطى! ويؤكد ذلك تشبيه الحافظ خمار المرأة بعمامة الرجل، وكذلك قوله:" وهو التقنع"، ففي كتب اللغة:(تقنّعت المرأة أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها)، كما في" المعجم الوسيط" وغيره، مثل الحافظ نفسه فقد قال في" الفتح"(٧/ ٢٣٥ و ١٠/ ٢٧٤)): التقنع: تغطية الرأس (وبناءً على ما سبق فقوله" وجوههن"، يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول:" صدورهن" فسبقه القلم! ويحتمل أن يكون أراد معنىً مجازياً أي: ما يحيط بالوجه من باب المجاورة، فقد وجدت في" الفتح" نحوه في موضع آخر تحت حديث البراء - رضي الله عنه -: " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ مقنع بالحديد " (قوله: " مقَنَّع" كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب) فإنه يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي فضلاً عن القتال، فبهذه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة التفسير والحديث والفقه واللغة، ثبت قولنا: إن الخمار غطاء الرأس، ولا ينافي كون الخمار غطاء الرأس أن يستعمل أحياناً لتغطية الوجه. وإذا عرفت هذا