للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) ومما يشهد لما ذكرنا بأن التي دخلت على عائشة بثياب رقاق هي جارية قاربت سن المحيض، أو أن عائشة هي التي كانت لابسة لهذه الثياب الرقاق؛ مارواه ابن جرير بإسناد صحيح إلى ابن جريج عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت علي ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض، فقالت عائشة: يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية، فقال: "إذا عركت (١) المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا" وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى). (٢) ففيه شاهد على أن التي دخلت على عائشة ليست أسماء بنت أبي بكر، وقد تكون ابنة أخيها عبد الله بن الطفيل اسمها أسماء مما أحدث اللبس عند الرواة، أو كما ذكرنا قد تكون عائشة هي التي كانت مظهرة من زينتها ما أنكره عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -،

فيكون قولها (دخلت علي ابنة أخي مزينة) أي دخلت علي حال كوني متزينة، فلما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض منكرا عليها ما رأى من إظهارها لما لا يحل إظهاره، فبادرته بقولها (إنها ابنة أخي وجارية) إذ لو كانت المتزينة هي ابنة أخيها لما كان لتبريرها بقولها (إنها ابنة أخي) فائدة!

ولما كان حديث ابن جريج هذا يوافق حديث خالد بن دريك وحديث أسماء بنت عميس في معناه وهو دخول أختها أو ابنة أخيها مظهرة من زينتها - أو تكون هي المظهرة من زينتها - ما لا يحل لها إظهاره، أو كما ذكرنا أن عائشة هي التي كانت مظهرة لهذه الزينة عند دخولها عليها.


(١) العراك: المحيض (غريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ٩٠).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ١٨/ ١١٩، وقال عقبه: وأشار به أبو علي.

<<  <   >  >>