قال الطبري في تفسيره (١٨/ ١١٦): يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه مما قد نهاهم الله عن النظر إليه ويحفظوا فروجهم أن يراها من لا يحل له رؤيتها بلبس ما يسترها عن أبصارهم {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} يقول فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين.
قال الثعلبي في الكشف والبيان (٧/ ٨٦) والبغوي في معالم التنزيل (٣/ ٤٠١) والزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٢٩): (يحفظوا فروجهم) عما لا يحل، قال أبو العالية: كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا، إلا في هذا الموضع فإنه أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه.
وهذا يؤكد أن هذه الآية تعني من يحل لهم الدخول دون حجاب من المحارم أو المملوكين لأنهم وإن استأنسوا قبل الدخول إلا أنه يحتمل أن يصادف دخولهم انكشاف العورة إن لم يحصل تحفظ من أهل البيت، فجاء الأمر بالحرص على الاستتار حفظا للفروج.
ولما كانت النساء هن مكمن الفتنة؛ لم يقتصر الأمر لهن بالغض من البصر وحفظ الفروج فقط كما جاء في حق الرجال، بل تعداه إلى منع كل ما من شأنه أن يكون سبباً للافتتان بهن ممن يدخل عليهن أو من قد يخلو بهن ممن أُذن له الدخول عليهن، وذلك بأمرهن بالتستر وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها بقوله