للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعا: نقل الشيخ الألباني قول ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٥): (قوله مُقنَّع؛ وهو كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب) عند شرحه لحديث البراء - رضي الله عنه -؛ (أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد) (١) وتعقبه الشيخ الألباني بقوله: "فإنه يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي فضلا عن القتال"!! لكن مما يضعف قول الشيخ الألباني هذا؛ أن القناع يغطي الوجه دون العينين، فالقناع لا يحول دون شيء من المشي أو القتال! ومما يؤكد أن ابن حجر يعني تغطية الوجه؛ أنه صرح بهذا المعنى للتقنع في أكثر من موضع كما أسلفنا. (٢)

* وبذلك ثبت أن التقنع يعني تغطية الوجه، وهو إحدى الصفتين لإدناء الجلباب؛ فإن إدناء الجلباب إما أن يكون بشد الجلباب على الجبين ثم عطفه على الأنف وهو التقنع وما في معناه من النقاب والبرقع واللثام - وهي الصفة المنهية عنها المرأة حال إحرامها- أو يكون بسدل الجلباب من فوق الرأس على الوجه - وهي الصفة المشروعة للمرأة حال الإحرام-.


(١) صحيح البخاري ٣/ ١٠٣٤ (٢٦٥٣).
(٢) ومما يشهد لكون التقنع بالحديد يعني تغطية الوجه؛ ما أخرج البخاري في صحيحه ٢/ ٩٧٦ (٢٥٨١): بعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكلمه "فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلما تكلم أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر (وفي رواية؛ قائم على رأس رسول الله مقنع في الحديد) فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنعل السيف وقال أخِّر يدك عن لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرفع عروة رأسه وقال من هذا قالوا المغيرة بن شعبة " قال ابن حجر في شرح هذا الحديث في فتح الباري (٥/ ٣٤١): أن المغيرة لما رأى عروة بن مسعود مقبلا لبس لأمته وجعل على رأسه المغفر ليستخفي من عمّه عروة.

<<  <   >  >>