من أهل العلم فيما بلغني وأحاط به علمي، فإن الخلاف فيها قديم لا يخلو منه كتاب من الكتب المتخصصة في بحث الخلافيات، وأنقل هنا من أقوالهم في هذه المسألة، مما يدل على بطلان الإجماع الذي ادَّعاه فأقول:
الأول: قال ابن حزم في كتابه" مراتب الإجماع"(ص ٢٩) ما نصه: " واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟ " وأقرَّه شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه عليه، ولم يتعقبه كما فعل في بعض المواضع الأخرى.
الثاني: قال ابن هبيرة الحنبلي في" الإفصاح"(١/ ١١٨): " واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك والشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها خاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي". وفاتته رواية ثالثة وهي: أنها كلها عورة حتى ظفرها كما يأتي مع بيان رد ابن عبد البر لها قريباً.
الثالث: جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (١/ ١٦٧): " أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة". ثم استثنى من ذلك مذهب الشافعية وفيه نظر ظاهر لما تقدم في" الإفصاح" وغيره مما تقدم ويأتي.