* خامسا: مما استشهد به الشيخ الألباني من هذه الخلافات:
١) ما ذكره الشوكاني تحت حديث عائشة "يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه". وفيه دليل لمن قال: إنه يجوز نظر الأجنبية. قال ابن رسلان: وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو دونه أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق. وحكى القاضي عياض عن العلماء: أنه لا يلزم ستر وجهها في طريقها، وعلى الرجال غض البصر للآية وقد تقدم الخلاف في أصل المسألة"اهـ
فيقال أولا: إن هذا الحديث مما حمله المتأخرون على غير محمله حيث حملوه على ما يجوز للمرأة الحرة إظهاره للرجال الأحرار الأجانب؛ فاستدلوا به على جواز كشف وجه المرأة، وهذا خلاف معنى الحديث وما حمله عليه
المتقدمون، وهو ما يجوز للمرأة إظهاره ويحل النظر إليه لمن يحل له النظر إليها كما أسلفنا - وسيأتي بيان ذلك مفصلا في مناقشة البحث الثامن إن شاء الله - فإن الأمر في هذا الحديث (لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه) موافق لما جاء في آية النور ... {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي أنه لا يحل للمرأة أن تبدي إلا الوجه والكفين بما فيهما من الزينة، أمام من يحل له النظر إليها ممن لا يعد محرما لها؛ وهم العبيد المملوكين