وهو الصحيح من مذهبه كما تقدم عن" الإنصاف" وهو اختيار ابن قدامة كما تقدم في" البحث الأول" وعلل ذلك بقوله: " ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما بالنقاب لأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء"، ومثل هذا التعليل ذكر في كثير ممن الكتب الفقهية وغيرهما كـ "البحر الرائق" لابن نجيم المصري (١/ ٢٨٤) وتقدم نحوه عن الشوكاني.
ومما سبق يتبين للقراء الكرام أن أقوال الأئمة الأربعة متفقة على تخيير المرأة المحرمة في السدل على وجهها وعدم إيجاب ذلك عليها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد دل قول مالك في" الموطأ" وقول ابن عبد البر: "وغير صلاتها" وكذلك تخيير الأئمة المحرمات بالسدل؛ أن ذلك خارج الصلاة. اهـ
ثم استشهد الشيخ الألباني بما ورد عن أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولاً وفعلاً فقال: أما القول فهو: " المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مَسَّه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تَلَثَّم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت" أخرجه البيهقي في" سننه"(٥/ ٤٧) بسند صحيح ... وأما الفعل فهو ما جاء في حديث عمرتها من التنعيم مع أخيها عبد الرحمن قالت:" فأردفني خلفه على جمل له قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلّة الراحلة قلت له: وهل ترى من أحد ... "أخرجه مسلم (٤/ ٣٤) فلكونها معتمرة فلا يجوز لها أن تلثم به كما قالت آنفاً فتغطيتها لوجهها بالسدل فعلٌ منها نقول به، ولكن لا يدل على الوجوب خلافاً لزعم المخالفين.