للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن في جملة ذلك أنه يقيض للحق المعاندين له؛ فيجادلون فيه فيتضح بذلك الحق وتظهر آياته وأعلامه، ويتضح بطلان الباطل وأنه لا حقيقة له، ولولا قيامه في مقابلة الحق لربما لم يتبين حاله لأكثر الخلق وبضدها تتبين الأشياء. اهـ

فقد كان من حسنات ما كتبه الشيخ الألباني في مسألة الحجاب أنه أيقض همة النائمين وأشعل الحماس للبحث في كتب العلم من تفاسير وفقه وغيرها، فكان دافعا للغوص في بحور من العلم لم نكن من قبل ننهل من سواحلها لنجد لآلئ من العلم دفينة، فقد ظن الناس أن الغوص قد انتهى زمانه واكتفى كل جيل بصيد من قبله، حتى ظُن أن العلم لدينا بلغ الذرى ومن المحال أن يترك من مضى صيدا لمن أتى، فرحمك الله يا شيخ؛ ركبنا بحر مذهبنا لنبحث عن الحق فوجدنا بحور المذاهب الأربعة كلها قد تطلعت لآلئها للباحثين عن الحق الذي لم يقصر الأئمة الأُول في بيانه، ولكنه جمود كل جيل على جهد من قبله حتى اندثرت بعض الحقائق بل وقُلب بعضها؛ إذ إن كل جيل لا ينقل ما يجده عن سابقه برمَّته؛ ولكنه يشرح ويفصِّل حسب فهمه لقول شيخه متأثرا بمتغيرات عصره، فمنهم من يصيب ومنهم من يخطئ، ثم يتناقل ذلك من بعدهم على أنه مُراد المصنف الأول وقول صاحب المذهب، والحقيقة أنه قد يكون خلافه، ولو أن المرجع في مثل هذه المسائل الخلافية هو كتاب الله وما صح عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعرض ما في هذه المصنفات عليهما واطراح ما خالفهما؛ لما اندثر الحق، ولما ظهر الجهل ببعض المسائل حتى ساد بين الناس خلاف ما أراد الله وعُمل به على أنه مراد الله وشرعه.

<<  <   >  >>