للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن البخاري بوب لهذا الحديث في صحيحه (٥/ ١٩٥٦) باب تزويج الْمُعْسِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} والآية هي كما قال تعالى {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} النور: ٣٢ يشهد لذلك فقر الرجل الذي تزوجها حتى إنه لم يجد حتى خاتما من حديد، بل كان لا يملك إلا إزاره الذي عليه من غير رداء. كما يشهد لذلك أيضا المهر الذي رضيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهذه المرأة؛ (فقال رجل زوجنيها، قال: أعطها ثوبا، قال لا أجد، قال أعطها ولو خاتما من حديد) (١). ولذلك لم يستشهد بهذا الحديث أحد من أهل العلم على جواز النظر للنساء؛ فضلا عن أن يستشهدوا به على جواز كشف المرأة لوجهها، بل لم يتطرق شراح الحديث ولا غيرهم ممن يستشهد بهذا الحديث إلا لنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها على أنه من باب نظر الرجل للمرأة يريد أن يتزوجها. (٢)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٩/ ٢١٠): وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها، وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها ولا وقعت خطبتها لأنه - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يقصد أنه إذا رأى منها ما يعجبه أنه يقبلها ما كان للمبالغة في تأملها فائدة


(١) قال ابن حجر في فتح الباري (٩/ ٢١٠): قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا) النساء: ٢٥ يدل على أن صداق الحرة لا بد وأن يكون ما يطلق عليه اسم مال له قدر، ليحصل الفرق بينه وبين مهر الأمة.
(٢) أنكر الشيخ الألباني على من استشهد بهذا الحديث على جواز النظر للمخطوبة! وهو في كتابه جلباب المرأة /٦٤ قال: والبيهقي (٧/ ٨٤) ممن خرج الحديث وترجم له" باب نظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها" كما بوّب له كثير من المحدثين بنحو هذا كما بوب له البخاري في صحيحه (٥/ ١٩٦٩): باب النظر إلى المرأة قبل التزويج. فلا وجه لهذا الإنكار.

<<  <   >  >>