ثانيا: سبق أن بينا في بداية مناقشة هذا البحث أن هذا الأثر يعد من أدلة وجوب تغطية الوجه؛ وبيان ذلك من عدة وجوه:
١ - أن سبب معرفة عمر - رضي الله عنه - لها ليس لكونها كانت كاشفة عن وجهها؛ وإنما كان سبب معرفته لها ما بيّنه أنس بقوله (قد كان يعرفها ببعض المهاجرين أو الأنصار) لأنه لو قال" دخلت على عمر بن الخطاب أمة وعليها جلباب فسألها عتقت" لكان لقول الشيخ الألباني وجه حق، ولكن قول أنس هذا يؤكد أنها كانت مغطية لوجهها فأراد أن يبين سبب معرفة عمر لها، ولو لم يكن كذلك لما كان لقول أنس هذا فائدة، ولما احتاج أن يعلل معرفته لها؟!
٢ - أن عمر - رضي الله عنه - ضربها حتى ألقت الجلباب عن رأسها؛ فلو كان الجلباب على رأسها فوق الخمار دون أن تكون مغطية به وجهها فما الذي سينكشف إذا ألقته عن رأسها حتى يعد هذا المنكشف منها هو الفارق بين الحرائر والإماء؟!
٣ - أن أنس صرح بأنها كانت متقنعة بالجلباب وقد سبق أن بيّنا في مناقشة البحث الرابع أن التقنع يعني تغطية الوجه، وكان الشيخ الألباني يقول بذلك كما في كتابه حجاب المرأة، ولكنه عاد مؤخرا في كتابه الجلباب فعدل عن رأيه! كما في كتابه الجلباب/ ١٠٣:(وجاءت المرأة متقنعة) قال في حاشيته: "كنت قد وهمت في إيراد هذا الأثر في جملة ما يدل على جريان العمل على ستر الوجه من النساء في العهد الأول، ثم تبين لي أن الأمر على العكس من ذلك"!