ثالثا: استشهد الطبري لبيان الصفة الثانية للإدناء (تغطية الوجه) التي وصفها بقوله (وقال آخرون بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن) بقول ابن عباس: "وإدناء الجلباب أن تقنع وتشد على جبينها" وقول قتادة " إن الله أخذ عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب"(١) وقول أبي صالح" يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة" ومفاد هذه الآثار كما حملها عليه أئمة التفسير؛ أنها تفيد تغطية الوجه من أسفل؛ بشد الجلباب على الجبين ثم رد طرفه وعطفه على الأنف فيغطي بذلك الوجه عدا العينين وهو التقنع، وهي الصفة التي نُهيت عنها المرأة حال إحرامها لما فيها من الشد والإلصاق على الوجه كما أسلفنا من قول ابن عباس (تدلي الجلباب على وجهها ولا تضرب به).
هذا مفاد تقسيم الطبري؛ وهو ما فهمه أهل التفسير من قول ابن عباس وقتادة؛ قال الإمام القرطبي في تفسيره (١٤/ ٢٤٣) والمفسر النحوي أبو حيان في البحر المحيط (٧/ ٢٤٠): واختلف الناس في صورة إرخائه فقال ابن عباس وعبيدة السلماني ذلك أن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها، وقال ابن عباس أيضاً وقتادة ذلك أن تلويه فوق
الجبين وتشده ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.