والاعتضاد به، فإنَّ تعدد الطرق وكثرتها يقوي بعضها بعضاً، ولو كان الناقلون فُجَّاراً فساقاً، فكيف إذا كانوا علماء عدولاً، ولكن كثر في حديثهم الغلط؟! ولقد أبان ابن تيمية في كلمة أخرى عن تقوية الحديث الضعيف بالطرق، فقال (١٣/ ٣٤٧): "والمراسيل إذا تعددت طرقها، وخلت عن المواطأة قصداً، كانت صحيحة قطعاً، وإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جهات، وقد علم أن المُخْبِرَين لم يتواطآ على اختلاقه، علم أنه صحيح ... قال: وهذا الأصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما يُنقل من أقوال الناس". ولهذا، إذا روي الحديث من وجهين مع العلم بأن أحدهما لم يأخذه عن الآخر، جزم بأنه حق لاسيما إذا علم أن نقلته ليسوا ممن يتعمد الكذب وإنما يخاف على أحدهما النسيان أو الغلط. وذكر نحو هذا؛ الحافظ العلائي في "جامع التحصيل"(٣٨) وزاد: "فإنه يرتقي بمجموعهما إلى درجة الحسن" ثم قال ابن تيمية "وفي مثل هذا يُنتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ وبالحديث المرسل ونحو ذلك ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث، ويقولون: إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره ... والمرسل في أحد قولي العلماء حجة كمذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وفي الأخرى حجة إذا عضده قول جمهور أهل العلم وظاهر القرآن أو أرسل من وجه آخر" قال الشيخ الألباني: ومرسل قتادة هذا الذي نحن في صدد الكلام عليه وبيان صحته، قد توفرت فيه هذه الشروط كلها وزيادة كما تقدم بيانه فينبغي أن يكون حجة باتفاق لا خلاف فيه ... اهـ