تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قال: "الزينة الظاهرة الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم فهذا تظهره في بيتها لمن دخل عليها"(١)
فدل ذلك على أن هذا الحديث كان بعد الحجاب، وعليه فإن أسماء ستغطي وجهها وتستتر بالجلباب عند دخولها على أختها عائشة - كما قالت آنفا عن نفسها - فلما لم يكن هذا دل على أن هناك خطأ أو وهم من رواة هذا الحديث؛ بأن أسماء بنت أبي بكر هي التي دخلت على عائشة بهذه الثياب الرقاق؛ والصحيح: أنها ليست أسماء بنت أبي بكر؛ فإما أن تكون التي دخلت على عائشة بثياب رقاق هي جارية قاربت سن المحيض - كما سيأتي في رواية ابن جريج - أو أن عائشة هي التي كانت لابسة لهذه الثياب الرقاق، يؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيد حديثه بمن بلغت سن المحيض كما في رواية ابن دريك (إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها) وفي رواية ابن جريج كما سيأتي (إذا عركت لم يحل لها) فدل ذلك على أن اللابسة للثياب الرقاق كانت قريبة من سن بدء المحيض، وهذا يبعد أن تكون أسماء؛ لأن أسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، وعائشة كان لها عند الهجرة تسع سنوات تقريبا؛ فهي الأقرب لسن المحيض، وهي الأقرب أن يقع منها ذلك لصغر سنّها.
(١) تفسير الطبري ١٨/ ١٢٠، تفسير ابن أبي حاتم ٨/ ٢٥٧٦ (١٤٤١٠)، البيهقي في السنن الكبرى ٧/ ٩٤ (١٣٣١٥) من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قال السيوطي في الإتقان (٢/ ٥): ما ورد عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة خاصة فإنها من أصح الطرق عنه وعليها اعتمد البخاري في صحيحه. أهـ