للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي يتحقق؛ أنه بعد أن ضُرب الحجاب في البيوت ومُنع الرجال الأحرار الأجانب من الدخول على النساء الأجنبيات الحرائر، وبقي الأِذن بالدخول عليهن ورؤيتهن دون حجاب للمحارم وللعبيد المملوكين من الأجانب؛ نزلت هذه الآيات من سورة النور لتبين حدود ما تظهره المرأة من الزينة أمامهم: فأمرت بالتحرز والتحفظ بعدم وضع الثياب الظاهرة (من رداء أو ملحفة وهو ما يسميه العامة الآن الجلال) وبضرب الخمار على الجيب لتستر النحر فلا تبدي إلا الوجه والكفين بما فيهما من الزينة؛ وهذا تظهره المرأة الحرة لمن يحل له الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب ممن لم يستثن في الآية، وهو أيضا ما يحل أن تظهره الأمة المملوكة لجميع الرجال الأجانب لأن الحجاب إنما فرض على الحرائر.

أما من استثنى الله في الآية ممن أبيح لهم النظر للمرأة؛ في قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ ... } النور: ٣٠ - ٣١ فقد أباح الله - عز وجل - لها أن تبدي لهم ما نهيت عن إظهاره من الزينة؛ فلا تضرب عندهم الخمار على جيبها، ولا تتخذ الرداء، فأبيح لها وضع الثياب الظاهرة عند هؤلاء.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره (ت ١٥٠ هـ) ٢/ ٤١٧: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يعنى الوجه والكفين وموضع السوارين {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يعنى ولا يضعن الجلباب {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} إلى

<<  <   >  >>