ولذلك فإن من الخطأ أن نحمل أقوال المفسرين في تفسير الزينة الظاهرة على أن المراد بها ما تظهره المرأة الحرة لمن يجب عليها الاحتجاب منهم من الرجال الأجانب؛ وهم قد فسروا آية إدناء الجلابيب بأنها تفيد وجوب تغطية وجه المرأة الحرة عن الرجال الأحرار الأجانب، لأن في ذلك حمل الآيتين على معنيين وحكمين متعارضين!
وخلاصة هذا المبحث أن المراد بمن لا تُظهر المرأة الحرة زينتها لهم (إلا ما ظهر منها) المفسرة بـ (الوجه والكفين بما فيهما من الزينة كالخاتم والسوار) هم من يحل لهم الدخول على المرأة والنظر إليها دون حجاب ممن لم يستثن في الآية وهم: العبيد المملوكون للغير، والعبد المملوك والتابع إذا كان من أولي الإربة، والذين لم يبلغوا الحلم من الأحرار (الصبية المميزين) والنساء غير المسلمات، والمحارم بالمصاهرة والرضاع، والعم والخال، فهؤلاء تظهر لهم بثيابها الظاهرة (بردائها أو ملحفتها وخمارها ضاربة به على جيبها)، أما من استثني في الآية (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ... ) فهؤلاء تضع عندهم الرداء فتبرز لهم بخمارها دون أن تضرب به على جيبها، فيرون منها الزينة الباطنة، هذا كل ما تعنيه الآية، وبذلك يتبين بطلان الاستدلال بقوله تعالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} المفسر بالوجه والكفين، وحديث عائشة " إن المرأة إذا بلغت المحيض. . . " على جواز كشف وجه المرأة الحرة للرجال الأحرار الأجانب.