للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غطى جميع الجسم لا بعضه" وقال ابن كثير: "هو الرداء فوق الخمار، وهو بمنزلة الإزار اليوم".

قلت: ولعله العباءة التي تستعملها اليوم نساء نجد والعراق ونحوهما وهو يستعمل في الغالب إذا خرجت من دارها، كما روى الشيخان وغيرهما عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق ... قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها". (١) قال الكشميري في فيض الباري (١/ ٥٠٣): (قوله: "لتلبسها ... " علم منه أن الجلباب مطلوب عند الخروج، وأنها لا تخرج إن لم يكن لها جلباب. والجلباب: رداء ساتر من القرن إلى القدم، وقد مر معنا أن الخمر في البيوت والجلابيب عند الخروج) (٢) اهـ


(١) أم عطية هذه كانت من الإماء يشهد لذلك قولها " غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى" ولذلك لم يكن لها جلباب، وفي الحديث دلالة على أن لبس الجلباب واجب على الحرائر والإماء، إلا أن الحرائر أُمرن أن يدنينه على وجوههن، يشهد لذلك أن عمر - رضي الله عنه - كان فيما صح عنه ينهى الإماء من التقنع وليس من لبس الجلباب، كما صح عنه أنه لما رأى أمة متقنعة قال: (ما بال الجلباب ضعيه عن رأسك).
(٢) قال الشيخ الألباني: وتقييده الخمر بالبيوت فيه نظر؛ فالحق الذي يقتضيه العمل بما في آيتي النور والأحزاب أن المرأة يجب عليها إذا خرجت من دارها أن تختمر وتلبس الجلباب على الخمار؛ لأنه كما قلنا سابقا أستر لها وأبعد عن أن يصف حجم رأسها وأكتافها وهذا أمر يطلبه الشارع. اهـ
والذي يظهر أن الكشميري لم يُرِد أن الجلباب يغني عن الخمار عند الخروج؛ ولكنه أراد أن يشير إلى معنى آخر وهو أن الخمار محتاج إليه للستر في البيوت - كما سيأتي بيان ذلك في مناقشة البحث الثامن والتاسع إن شاء الله - قال الكشميري في الموضع المشار إليه (١/ ٣٤٨): فإن قلت: إن إدناء الجلباب يغني عن ضرب الخمر على جيوبهن. قلت: بل إدناء الجلباب فيما إذا خرجت من بيتها لحاجة، وضرب الخمر في عامة الأحوال، فضرب الخمر أيضا محتاج إليه.

<<  <   >  >>