للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) أي: جابر - رضي الله عنه - (كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ) أي غزوة أحد, والقتلى جمع قتيل كالجرحى جمع جريح (فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ) ظاهره تكفين الاثنين في ثوب واحد؛ أما بأن يجمعهما فيه, وإما أن يقطعه بينهما.

وقال المظهري في شرح المصابيح: قوله: "في ثوب واحد" أي: قبر واحد؛ إذ لا يجوز تجريدهما في الثوب واحد بحيث يتلاقى بشرتاهما؛ بل ينبغي أن يكون على كل واحد منهما ثيابه الملطخة بالدم, ولكن يضجع أحدهم بجنب الآخر في قبر واحد (١).

(ثُمَّ يَقُولُ) - صلى الله عليه وسلم - (أَيُّهُمْ) أي: أي القتلى. هذه رواية الكشميهني. وفي رواية الحموى والمستملي: "أيهما" أيْ: أيُّ الرجلين (٢) (أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ) بنصب أخذًا على التمييز؛ أي أعلم بالقرآن (فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ) - صلى الله عليه وسلم - (إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

قال المظهري: أنا شفيع لهؤلاء, أشهد لهم بأنهم بذلوا أرواحهم لله تعالى وتركوا حياتهم. انتهى.

وتعقبه الطيبي بأن هذا الذي قاله لا يساعده تعدية الشهيد بعلى، ولو أريد ما قال، لقيل: أنا شهيد لهم، فعدل عن ذلك لتضمين "شهيد" معنى: رقيب وحفيظ، أي: أنا حفيظ عليهم، أراقب أحوالهم وأصونهم من المكاره، وشفيع لهم، ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦)} [المجادلة: ٦] {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧)} [المائدة: ١١٧] (٣).

[٢١٦ أ/ص]

(وَأَمَرَ) - صلى الله عليه وسلم - (بِدَفْنِهِمْ فِى دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا) على صيغة /البناء للمفعول (وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ) على صيغة المجهول أيضًا.

وفي رواية للبخاري وستأتي -إن شاء الله تعالى-: " وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ " (٤) كلاهما على صيغة المعلوم أي: لم يفعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ولا بأمره.


(١) عمدة القاري (٨/ ١٥٣).
(٢) عمدة القاري (٨/ ١٥٣) وإرشاد الساري (٢/ ٤٣٩).
(٣) الكاشف عن حقائق السنن (٤/ ١٣٩٨).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الجنائز باب من يقدم في اللحد (٢/ ٩٢) (١٣٤٧).