للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باب: قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ

قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ - رحمه الله -:

باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا). وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رضى الله عنها - (لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). وَهُوَ كَقَوْلِهِ (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) ذُنُوبًا (إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ) وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ في غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا». وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ.

قَالَ الشَّارِحُ - رحمه الله -:

(باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ) المتضمن للنوح المنهي عنه، (عَلَيْهِ) وليس المراد مع العين؛ لجوازه، وإنّما المراد البكاء الذي يتبعه النوب والنوح، كما أشرنا إليه آنفًا، فإنّ ذلك إذا أجتمع سمي بكاءً.

قال الخليل: مَن قصر البكاء، ذهب به إلى معنى الحزن، ومَن مده ذهب به إلى معنى الصراخ (١)، كذا قال القسطلاني (٢).

وفيه: أنّه على تقدير ثبوته لا يظهر وجه التقييد بالبعضية، وقال الحافظ العسقلاني: هذا يعني التقييد بالبعضية تقييد من المصنف، وحملٌ منه؛ لرواية ابن عباس - رضي الله عنهما - المقيدة بالبعضية على رواية ابن عمر - رضي الله عنهما -، المطلقة، كما ساقه في الباب عنهما (٣).


(١) المحكم والمحيط الأعظم [ب ك ى] (٧/ ١١٥)، عمدة القاري (٨/ ٨١).
(٢) إرشاد الساري (٢/ ٤٠٠).
(٣) فتح الباري (٣/ ١٥٢).