للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَبْحَثُ الثَّانِي: مَوْلِدُهُ، وَنَشْأَتُهُ، وَطَلَبُهُ لِلْعِلْمِ:

ولد ببخارى ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة (١).

توفي والده عنه وهو صغير، فنشأ يتيمًا في حجر أمه، وكانت امرأة صالحة، فقد روى أن محمدًا فقد بصره في صغره، فرأت هي الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام يقول لها: يا هذه قد ردّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك، فأصبح وقد ردّ الله عليه بصره (٢).

ورث عن أبيه مالًا كثيرًا (٣). قال أبوه عند موته: لا أعلم من مالي درهمًا من حرام، ولا درهمًا من شبهة (٤). فتربي بهذا المال الحلال تربية صالحة، فكان له هذا الشأن العظيم.

ألهمه الله حفظ الحديث وهو في الكتّاب حتى قيل: إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث (٥).

وطلب العلم مبكرًا، واجتهد في ذلك، وبذل ما في وسعه للتزود من العلم والمنافع، وقد ساعده على ذلك ما حباه الله به من حافظة قوية وذكاء مفرط، وتحمل المشاق في تحصيل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما سئل عن دواء الحفظ قال: " لا أعلم شيئًا أنفع للحفظ من نهمة الرجل، ومداومة النظر" (٦)

روى الفربري عن أبي جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق، قال: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟


(١) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ١٠٤).
(٢) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٨).
(٣) تهذيب الكمال (٢٤/ ٤٣٠).
(٤) هدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٩).
(٥) البداية والنهاية (١٤/ ٥٢٧).
(٦) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٦). وهدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٨٧).