للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبعد أن هدأت الأحوال بسبب اضطرابات الإنكشارية قرر السلطان محمود استقدام مستشار أوربي فرنسي للشؤون العسكرية، وقد تعهد بإحياء فرقة المدفعية، وإدخال أنظمة جديدة للخدمة العسكرية على أسس أوربية، بهدف جعل الخدمة العسكرية من جديد مهنة حقيقية (١).

وفي سنة (١١٤٤ هـ) أعلن السلطان الحرب على شاه العجم؛ لاستيلاء الشاه على بعض الجهات بغير إعلان الحرب، فأرسل علي باشا بن الحكيم فاقتتل مع عساكر إيران بقيادة (نادر قولى خان)، فقتل من الإيرانيين نحو ثلاثين ألفًا، وانهزم عسكرهم شر هزيمة، واسترد علي باشا الجهات التي استولى عليها الإيرانيون أخيرًا، فأرسل نادر شاه سفراء لطلب الصلح، فتم الصلح بتعديل الحدود، واسترداد بعض جهات أخرى (٢).

وتوفي السلطان سنة (١١٦٨ هـ)، وكان حليمًا رؤوفا محبوبًا، فأسف جميع الناس عليه (٣).

المَطْلَبُ الثَّانِي: الحَالَةُ الْإِجْتِمَاعِيَة.

لا مرية في أن الأوضاع الاجتماعية في عصر من العصور تؤثر تأثيرًا كبيرًا في أفراد المجتمع عامتهم وخاصتهم على السواء، ولعل أكثر الطبقات الاجتماعية تأثرًا بهذه الأوضاع هم العلماء؛ فهم أكثر اتصالًا بحياة الناس وأشد اهتمامًا بشئونهم ورغبة في معرفة مشاكلهم والقضاء عليها. فالحروب المتتابعة التي تعرضت لها البلاد في تلك الفترة أدت إلى عدم الاستقرار في المجتمع، وكثرة الانتقال والترحال - الهجرة الداخلية - وذلك فرارًا من خطر القتل، مع ما يصاحب ذلك: من فقدان المأوى، وتعطلِ الأعمال، وكساد التجارات، وقلة الأقوات.


(١) والدولة العُثمانية للصلابي (ص: ٣١٢).
(٢) تاريخ الدولة العثمانية العلية، لإبراهيم بك حليم (ص: ١٧٢).
(٣) تاريخ الدولة العثمانية العلية، لإبراهيم بك حليم (ص: ١٦٦).