للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: رِحْلَتُهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ:

بدأ البخاري - رحمه الله - طلب العلم في سن مبكرة -كما ذكرنا سابقًا- فحفظ مرويات بلده وهو لم يبلغ سن الحادية عشرة، ولما بلغ سن السادسة عشر حفظ كتب ابن المبارك (١) ووكيع (٢).

ثم ركب للرحلة في طلب الحديث، وكانت البداية حين رحل إلى مكة مع أمه وأخيه أحمد، ثم رجعت أمه وأخوه، وآثر هو البقاء لطلب الحديث.

مكث البخاري في الحجاز ستة أعوام يطلب الحديث، عند علمائها متنقلًا بين مكة والمدينة، وقد تمكن في هذه الفترة من تصنيف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، كما صنف كتاب التاريخ في الليالي المقمرة عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

ثم توالت رحلاته إلى سائر مشايخ الحديث في مختلف الأقطار الإسلامية، وقل قطر إلا وله فيه موطئ قدم، وها هو ذا يحدث عن رحلاته فيقول: " دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين (٤).

ويقول الخطيب البغدادي- في شأن رحلات البخاري-: "رحل البخاري إلى محدثي الأمصار،


(١) عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التميمي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المروزي، أحد الأئمة الأعلام وحفاظ الإسلام. تهذيب الكمال (١٦/ ٦) (٣٥٢٠).
(٢) وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، من قيس عيلان. تهذيب الكمال (٣٠/ ٤٦٣) (٦٦٩٥).
(٣) تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٢). وطبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (المتوفى: ٧٧١ هـ)، المحقق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، ١٤١٣ هـ (٢/ ٢١٤) (٥٠).
(٤) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٠٧)، وهدي الساري مقدمة فتح الباري (١/ ٤٧٨).