للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالصلاة هنا الدعاء, وأما كونه مثل الذي على الميت فمعناه أنه دعا لهم بمثل الدعاء الذي كانت عادته أن يدعو به للموتى (١).

قال العيني: هذا عدول عن المعنى الذي يتضمنه هذا اللفظ لتمشية مذهبه في ذلك وهذا ليس بإنصاف (٢).

وقال الطحاوي: معنى صلاته - صلى الله عليه وسلم - لا يخلو من ثلاثة معان: إما أن يكون ناسخًا لما تقدم من ترك الصلاة عليهم, أو يكون من سننهم أن لا يصلي عليهم إلا بعد هذه المدة, أو يكون الصلاة عليهم جائزة بخلاف غيرهم فإنها واجبة. وأيها كان فقد ثبت بصلاته عليهم الصلاة على الشهداء. ثم كأن الكلام بين المختلفين في عصرنا إنما هو في الصلاة عليهم قبل دفنهم, وإذا ثبتت الصلاة عليهم بعد الدفن كانت قبل الدفن أولى انتهى (٣).

وقال الحافظ العسقلاني: "وغالب ما ذكره في حيز المنع لا سيما دعوى الحصر فإن صلاته عليهم يحتمل أمورًا أخر. منها: أن يكون من خصائصه. ومنها: أن يكون بمعنى الدعاء، ثم هي واقعة عين لا عموم فيها فكيف ينتهض الاحتجاج بها لدفع حكم قد تقرر؟! ولم يقل أحد من العلماء بالاحتمال الثاني الذي ذكره" انتهى (٤).

[٢٢١ أ/ص]

وتعقبه العيني: بأن كل /ما ذكره ممنوع؛ لأن قوله: منها أن يكون من خصائصه، لا يصح؛ لأن إثبات الخصوصية من غير دليل عليه لا يعتبر ولا تثبت الخصوصية بالاحتمال. وقوله: ومنها أن يكون بمعنى الدعاء، يرده لفظ الحديث. وقوله: وهي واقعة عين لا عموم فيها، كلام غير موجه؛ لأن هذا الكلام لا دخل له في هذا المقام، وقوله: لدفع حكم تقرر، لا ينتهض دليلًا له لدفع خصمه؛ لأنه لا يعلم ما هذا الحكم المقرر. وقوله: ولم يقل أحد من العلماء بالاحتمال الثاني، كلام واهٍ؛ لأنه ما ادعى أن أحدًا من العلماء قال به حتى ينكر عليه، وإنما ذكره بطريق الاستنباط من لفظ الحديث. انتهى. فليتأمل (٥).


(١) المجموع (٥/ ٢٦٥).
(٢) عمدة القاري (٨/ ١٥٦).
(٣) شرح معاني الآثار، باب الصلاة على الشهداء (١/ ٥٠٤) (٢٨٩٠).
(٤) فتح الباري (٣/ ٢١١).
(٥) عمدة القاري (٨/ ١٥٧).