للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن بداك منعماً ... بالبرّ منه عادلك

وقوله:

جامل الناس في المزا ... ح وخلّ المزاحمه

وتفاصح وقل لمن ... يتعاطى المزاح مه؟

[الطعام والموائد]

وعلى ذكر الطعام. قال الجماز: جاءنا فلان بمائدة كأنها زمن البرامكة على العفاة؛ ثم جاءنا بشراب كأنه دمعة اليتيم على باب القاضي:

قد جنّ أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائده

وقال ابن الرومي يصف طعاماً أكله عند أبي بكر الباقطاني:

وسميطة صفراء ديناريّة ... ثمناً ولوناً زفّها لك حزور

عظمت فكادت أن تكون أوزّة ... وهوت فكاد إهابها يتفطّر

ظلنا نقشّر جلدها عن لحمها ... وكأنّ تبراً عن لجين يقشر

وتقدّمتها قبل ذاك ثرائدٌ ... مثل الرياض بمثلهن يصدّر

ومرقّقات كلّهنّ مزخرفٌ ... بالبيض منها ملبس ومدثّر

وأتت قطائف بعد ذاك لطائفٌ ... ترضى اللهاة بها ويرضى الحنجر

ضحك الوجوه من الطبرزد فوقها ... دمع العيون من الدهان يعصّر

ومن ملح ما قيل في القطائف، قول علي بن يحيى بن منصور بن المنجم:

قطائف قد حشيت باللّوز ... والسكر الماذيّ حشو الموز

تسبح في آذيّ دهن الجوز ... سررت لمّا وقعت في حوزي

سرور عبّاس بقرب فوز

ولم يقل أحد في اللوزينج أحسن من قول ابن الرومي:

لا يخطئني منك لوزينجٌ ... إذا بدا أعجب أو عجّبا

لم تغلق الشهوة أبوابها ... إلا أبت زلفاه أن يحجبا

لو شاء أن يذهب في صخرة ... لسهّل الطيّب له مذهبا

يدور بالنّفخة في جامه ... دوراً ترى الدّهن له لولبا

عاون فيه منظرٌ مخبراً ... مستحسنٌ ساعد مستعذبا

مستكثف الحشو ولكنّه ... أرقّ قشراً من نسيم الصّبا

كأنما قدّت جلابيبه ... من أعين القطر إذا قبّبا

يخال من رقة خرشائه ... شارك في الأجنحة الجندبا

لو أنه صوّر من خبزه ... ثغرٌ لكان الواضح الأشنبا

من كل بيضاء يودّ الفتى ... أن يجعل الكفّ لها مركبا

مدهونة زرقاء مدفونة ... شهباء تحكي الأزرق الأشهبا

ملذّ عين وفم حسّنت ... وطيّبت حتى صبا من صبا

ذيق له اللّوز فما مرّة ... مرّت على الذائق إلاّ أبى

وانتقد السكّر نقّاده ... وشاوروا في نقده المذهبا

فلا إذا العين رأته نبت ... ولا إذا الضرس علاه نبا

لا تنكروا الإدلال من وامق ... وجّه تلقاءكم المطلبا

هذه الأبيات يقولها في قصيدة طويلة يمدح بها أبا العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن بشر المرثدي ويهنيه بابن له ولد، أولها:

بدرٌ وشمس ولدا كوكبا ... أقسمت بالله لقد أنجبا

وقال أبو عثمان الناجم: دخلت على أبي الحسن وهو يعمل هذه القصيدة؛ فقلت له: لو تفاءلت لأبي العباس بسبعة من الولد؛ لأن عباس يجيء منكوساً سابع، فلو تصور ذلك لجاء المعنى ظريفاً؛ فقال بديهاً:

وقد تفاءلت له زاجراً ... كنيته لا زاجراً ثعلبا

إنّي تأمّلت له كنيةً ... إذا بدا مقلوبها أعجبا

يصوغها العكس أبا سابع ... وذاك فأل لم يعد معطبا

وقد أتاه منهم واحدٌ ... فلننتظرهم ستّة غيّبا

في مدةٍ تغمرها نعمة ... يجعلها الله له ترتبا

حتى تراه جالساً بينهم ... أجلّ من رضوى ومن كبكبا

كالبدر وافى الأرض من نوره ... بين نجوم سبعة فاختبا

وليشكر الناجم عن هذه ... فإنّها من بعض ما بوّبا

أسدى وألحمت فتىً لم أزل ... أشكر ما أسدى وما سبّبا

وقال يصف الرؤوس والرغفان:

ما إن رأينا من طعامٍ حاضر ... نعتدّه لفجاءة الزوّار

<<  <   >  >>