للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتب بعض الكتاب إلى محمد بن منصور: وإن بين كل أمر يطالبه الرجاء وبين المطلوب إليه ذريعةً يتوصل بها إلى معروفه، ولي بارتجائك لمعرفتي بفضلك، وكذا الوسيلة، وما كنت متوسلاً إليك بشيء هو أرجى في حاجتي، ولا أصلح لطلبتي من التوسل إليك بحسن الظن فيك، وحاجتي أكرمك الله ظريفة من الجواري لم تتداولها أيدي التجار، ولا تبذلها معاودة العرض، ولي فيها شريطة أعرضها عليك لترى رأيك فيها، أحبرها فرعاء فإنه يقال: إذا اتخذت الجارية فاستجد شعرها؛ فإن الشعر أحد الوجهين؛ وتكون رائقة البياض، تامة القوام؛ فإن البياض والطول نصف الحسن؛ وتكون مليحة المضحك، فإنه أول ما يجلب المحبة، ويكسب الحظوة، ولست أكره الانكسار في الثدي، لأنه ليس للناهد عندي سوى لذة النظر. ولست من قول الشاعر:

جال الوشاح عن قضيبٍ زانه ... رمّان ثدي ليس يقطف ناهد

في شيء. وأكره العجيزة العظيمة وأريدها وسطاً؛ لأن خير الأمور أوسطها، لها طرف أدعج، وحاجب أزج، وكفل مرتج، وما وافقت هذه الصفة، وكانت رخيمة الكلام، شهية النغمة، فهي حرة قبل أن ترسلها، وحاجتي أبقاك الله يحملها قدرك ويستحقها شكرك. وأنا بالإضعاف حري، وأنت بالإسعاف قمين.

فأنفذ إليه محمد بن منصور خمسمائة دينار، وكتب إليه: قد سألت أكرمك الله عن هذه الصفة فلم أجدها، فالتمسها أنت؛ فإن وجدتها فهذه خمسمائة دينار تدفعها عربوناً حتى أبعث إليك بالثمن، والسلام.

[خطبة النكاح]

قال أبو سودة لابنه: يا بني، تعلم خطبة النكاح، فإني أريد أن أنكح أخاك، قال: نعم! فلما كان من الليل قال: أتعلمت شيئاً؟ قال: نعم! قال: هات. قال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. حي على الصلاة حي على الفلاح. فقال أبوه: يا بني، لا تقم الصلاة حتى أذهب وأجيء، فإني على غير وضوء.

وهذا كقول ابن أبي حفصة لما قال علي بن الجهم قصيدته التي أولها:

الله أكبر والخليفة جعفر

أراد عليٌّ أن يقول قصيدة ... بمدح أمير المؤمنين فأذّنا

فقلت له لا تعجلنّ إقامةً ... فلست على طهرٍ فقال: ولا أنا

قال يزيد بن أبي حبيب لرجل: من أين أقبلت؟ قال: من أسفل الأرض. فقال له: كيف خلفت قارون؟ وقال عبد الله بن خزيمة لصاحب شرطته: أين تذهب يا هامان؟ قال: أبني لك صرحاً.

[صبي يتعلم الهجاء]

أسلم رجل ابنه إلى المعلم وقال له: علمه الهجاء، ولا تشغله بغيره، فطال ترداده إلى المكتب؛ فقال أبوه: تعلمت الهجاء؟ قال: نعم! قال: ما هجاء طير؟ قال: ط أس ر أأ ح ألا ي أ، قال: ما هجاء سمكة؟ فقال: س م ك أهـ أخ ح د د، فأرسل إلى المعلم فحضر. فقال له: ويحك! تقدمت إليك أن تعلم هذا الصبي الهجاء، وقد سألته عن هجاء طير، فقال كذا وكذا، وسألته عن هجاء سمكة، فقال: كذا وكذا. فقال المعلم: تجيء إلى صبي صغير تهجيه شيئاً يطير في الهواء وشيئاً يغوص في قعر البحر كيف يتهجاه! فقال: هجه أنت. فقال المعلم: أهجي لك حماد؟ قال: هج. فقال: ح م د ك س، فانتهره أبو الولد وانصرف.

أبو محمد النوبهاري أتاه رجل فقال: وضعت رأسي في حجر امرأتي فقالت: ما أثقل رأسك! فقلت: أنت طالق إن كان رأسي أثقل من رأسك. فقال: تطلق عليك، فقيل له: ولم؟ فقال: لأن القصابين أجمعوا على أن رأس الكبش أثقل من رأس النعجة.

وكان المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أصيبت عينه عام غزوة مسلمة القسطنطينية، وكان يطعم الطعام حيث نزل. فجاء أعرابي فجعل يديم النظر إلى المغيرة ولا يأكل. فقال له: ما لك يا أعرابي؟ فقال: إنه ليعجبني كثرة طعامك، وتريبني عينك. قال: وما يريبك منها؟ فقال: أراك أعور تطعم الطعام، وهذه صفة الدجال. فضحك المغيرة وقال: كل يا أعرابي فإن الدجال لا تصاب عينه في سبيل الله.

[من شعر أبي العتاهية]

حضر يعقوب بن إسحاق الكندي مجلساً فيه قينة، فقالت له: اقترح. فقال لها غني:

لو تجسّين يا عتيبة عرقي ... لوجدت الفؤاد قرحاً تفقّا

فقالت: إن أردت جسّ العروق والنظر إلى الأبوال فعليك بالبيمارستان.

هذا البيت في أبيات لأبي العتاهية إسماعيل بن القاسم ويكنى بأبي إسحاق وأبو العتاهية لقب وفيها:

<<  <   >  >>