للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة على ذلك اسم الله (الأعلى): قال الماتريدي في تفسيره لاسم (الأعلى): "الأعلى. هو أعلى من أن يمسه حاجة أو يلحقه آفة" (١).

وقال أبو البركات النسفي: "الأعلى: بمعنى العلو الذي هو القهر والاقتدار، لا بمعنى العلو في المكان" (٢).

والخلاصة، فمذهبهم في الأسماء الحسنى على نوعين:

الأول: ما اشتمل على حق، ووافق أهل السنة والجماعة في ظاهره، ومن ذلك:

١ - إثبات جميع أسماء الله الحسنى له تعالى، وبذلك فارقوا غلاة الجهمية الذين لا يثبتون لله الأسماء (٣).

٢ - إثبات كثير من معاني أسماء الله تعالى، وبذلك فارقوا جهمية المعتزلة، لأنهم يثبتون الأسماء مجردة عن المعاني (٤).

٣ - أسماء الله تعالى توقيفية، فلا يجوز تسمية الله تعالى إلا بما ورد في الشرع (٥).

٤ - أسماء الله تعالى كلها حسنى، وأنها ليست ألفاظا مجردة عن معانيها، بل تدل على معان حسنة من التمجيد، والتقديس، والتعظيم (٦).

فأسماؤه تعالى أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها ولدلالتها على صفات الكمال من الجلالة والجمال والإكرام (٧).

والثاني: ما اشتمل على باطل وإلحاد:

وأهم ذلك ما يلي:

١ - أن أسماء الله تعالى ليست أسماء حقيقة لله تعالى، قال أبو منصور الماتريدي: "فيدلك أن الأسماء التي نسميه بها عبارات عما يقرب إلى الأفهام، لا أنها في الحقيقة أسماؤه" (٨).

٢ - الأسماء الحسنى غير مشتملة على صفات مستقلة بل هي مندرجة في صفة التكوين. قال أنور شاه الكشميري الديوبندي: "والأسماء الحسنى عند الأشاعرة عبارة عن الإضافات، وأما عند الماتريدية فكلها مندرجة في صفة التكوين" (٩).

٣ - أسماء الله الحسنى مخلوقة عندهم: لأنها عبارة عن الألفاظ والحروف، وهي مخلوقة، ولذلك جعلوا أسماء الله تعالى الحسنى تسميات.


(١) التأويلات: ل ٥٤٧.
(٢) تفسير النسفي: ٤/ ٢٢٣ - ٢٢٤.
(٣) انظر: التدمرية: ١٨٢ - ١٨٣.
(٤) انظر: المرجع السابق: ١٨٢ - ١٨٣.
(٥) انظر: كتاب التوحيد: ٣٨ - ٤٤، شرح المواقف للجرجاني الحنفي الماتريدي: ٨/ ٢١٠، مدارك التنزيل: ١/ ٥٩١، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود: ٣/ ٢٩٦
(٦) مدارك التنزيل: ١/ ٥٩١، ٢/ ٢٧٤.
(٧) إرشاد العقل السليم: ٣/ ٢٩٦، ٥/ ٢٠٠.
(٨) كتاب التوحيد: ٩٣ - ٩٤.
(٩) فيض الباري: ٤/ ٥١٧.

<<  <   >  >>