فَإِن السّمع لَا يثبت إِلَّا بعد ثُبُوت هَذِه الْأُصُول فَإِذا وصلت إِلَى هَذَا الْمحل وسلمت من التعثر بأذيان الزلل ... وَكم دونهَا من مهمه ومفازة ... وَكم أَرض جَدب دونهَا ولصوص ...
فَحِينَئِذٍ بجب عَلَيْك أَن تنظر فِيمَا ألْقى الصادقون إِلَيْك فَإِن كنت مِمَّن تسمع مِنْهُم كَلَامهم وتشافه بِنَفْسِك خطابهم فقد سَقَطت عَنْك معرفَة طرق النَّقْل وشروط التَّحَمُّل وَالْحمل ولزمتك معرفَة اللُّغَة الَّتِي يتَكَلَّم بهَا الصادقون فتعرف مقاطع الْكَلِمَات وَكَيْفِيَّة النُّطْق من إختلاف بِسُكُون أَو حركات وتعرف فرق مَا بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَالنَّص وَالظَّاهِر والمجمل والمؤول وَالْعَام وَالْخَاص وَالْمُطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ إِلَى أُمُور كَثِيرَة تعرف فِي علم الْأُصُول وَإِن كنت مِمَّن لم يسمع من الصَّادِقين فَلَا بُد لَك من أَن تنظر فِي الَّذِي بلغك ذَلِك الدَّلِيل على يَدَيْهِ إِن كَانَ يجوز عَادَة عَلَيْهِ الْغَلَط والسهو أَو لَا فَإِن كَانَ مِمَّن يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط والسهو عَادَة فَلَا يلْتَفت إِلَى خَبره فِي هَذَا الْمقَام وَهَذَا النَّوْع هُوَ الَّذِي يُسمى عندنَا أَخْبَار الْآحَاد وَلها مَحل تقبل فِيهِ بعد مُرَاعَاة شُرُوط وَيعرف كل ذَلِك فِي مَوْضِعه
وَأما مثل هَذَا الَّذِي تصديت لَهُ فَلَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ بِهَذَا الطّرق فَإِن الْمَطْلُوب هُنَا حُصُول الْعلم وَلَا يحصل الْعلم بقول من يتجوز الْخَطَأ والسهو عَلَيْهِ فِي خَبره وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجوز عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا ذَكرْنَاهُ عَادَة فَهُوَ الَّذِي يحصل الْعلم بقوله وَهُوَ الْعدَد الْكثير الَّذين تحيل الْعَادة عَلَيْهِم الْكَذِب وَهَذَا الْخَبَر هُوَ الَّذِي يُسمى الْمُتَوَاتر والتواتر لَهُ شُرُوط وَأَحْكَام تعرف فِي مَوْضِعه
فَإِذا تقررت هَذِه الْمُقدمَة فَأَنا أَسأَلك سُؤال منصف لَا مُصَنف وَأقسم عَلَيْك بِدينِك قسم متلطف لَا متعجرف هَل توفرت لديك هَذِه الشُّرُوط أم هَل أَكْثَرهَا عنْدك مطرح مسقوط فَإِن أنصفت وإعترفت علمت أَنَّك على الْعلم بهَا مَا حصلت فَيَنْبَغِي لَك أَن تطلب حُصُول الْعلم من بَابه وَأَن تجتهد فِي تَحْصِيل أَسبَابه وَإِن إدعيت علم ذَلِك علم أَنَّك مغالط معاند جَائِر عَن الْحق وحائد
وَكفى بكلامك فِي كتابك هَذَا على كَذبك شَاهد ثمَّ على قرب تفتضح إِذا خرست عَن جَوَاب مَا عَنهُ سُئِلت تعجل بِالْجَوَابِ وَلَا تتأن فِي الْكتاب وَإِن أَبيت إِلَّا تماديا فِي غيك وإستمرار على جهلك وبغيك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute