للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسنعطف عَلَيْهِ بِالرَّدِّ إِذا تكلمنا مَعَ غَيره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَمَعَ هَذَا فقد سلك هَذَا الرجل مَسْلَك أَرْبَاب الْعُقُول وتبرأ من جَهَالَة كل جهول وَإِذا كَانَ كَذَلِك فسبيلنا أَن نتكلم مَعَ الَّذِي صدرنا هَذَا الْفَصْل بِذكر كَلَامه فَإِنَّهُ كثير الْفساد مضرب عَن الرشاد ويتضمن الرَّد عَلَيْهِ الرَّد على غَيره مِمَّن يَقُول مثل قَوْله أَو مَا يُقَارِبه مستعينين بِاللَّه متوكلين عَلَيْهِ

الْجَواب عَن مَا ذكره الْمصدر كَلَامه

لتعلم أَيهَا النَّاظر فِي كتَابنَا أننا يمكننا أَن نناقش هَذَا الْقَائِل كَمَا ناقشنا السَّائِل فَإِن كَلَامه كثير الْغَلَط ظَاهر التَّكَلُّف والشطط لَكنا تركنَا مناقشته اللفظية وصرفنا المناقشة للمباحثة المعنوية كَرَاهَة للإكثار وميلا للإيجاز والإختصار وَأَيْضًا فَإِن نفس الله فِي الْعُمر وَصرف عَنَّا عوائق الدَّهْر فسنرد عَلَيْهِ فِي كتاب مُفْرد إِن شَاءَ الله تَعَالَى أبين فِيهِ غلطاته وأوضح جهالاته وسقطاته بحول الله وقوته

فَنَقُول لَهُ لَا يشك عَاقل سليم الْفطْرَة أَن خَالق الْعَالم مَوْجُود لَيْسَ بمعدوم وَقد اعترفتم بِأَنَّهُ حَيّ عَالم وَمن لم يعْتَرف بذلك أُقِيمَت عَلَيْهِ الْبَرَاهِين القاطعة فَإِذا تقرر ذَلِك قُلْنَا فمفهوم أَنه حَيّ هُوَ عين مَفْهُوم أَنه عَالم أَو غَيره فَإِن كَانَ عينه فقولكم حَيّ عَالم كقولكم حَيّ حَيّ أَو عَالم عَالم وَالْفرق مَا بَينهمَا مَعْلُوم ضَرُورَة وَلَو كَانَ عينه لاختلطت الْحَقَائِق فَثَبت أَنَّهُمَا متغايران متعددان فَإِذا ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يرجعا إِلَى الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَوْلكُم أَنه حَيّ عَالم أَو لَا يرجعان فَإِن لم يرجعا لم يَصح الْإِخْبَار عَنهُ بهما وَلم يَكُونَا وصفين لَهُ فَثَبت أَنَّهُمَا يرجعان إِلَيْهِ وَإِذا ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يَكُونَا من أَوْصَافه تَعَالَى النفسية أعنى الذاتية فَإِن كَانَا من أَوْصَافه النفسية أدّى ذَلِك إِلَى أَن يكون ذَاته وماهيته متركبة متبعضة وَذَلِكَ محَال على مَا قررتم فِيمَا تقدم من كلامكم

وَأَيْضًا لَو عقل كَون الْعلم والحياة من الْأَوْصَاف النفسية فِي مَحل عقل ذَلِك فِي كل مَحل وَيلْزم من ذَلِك كَون الْعلم والحياة من صِفَات أَنْفُسنَا وَذَلِكَ مَعْلُوم الْبطلَان بِالضَّرُورَةِ

<<  <   >  >>