للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَيْضًا فَلَو جَازَ ذَلِك للَزِمَ أَن يكون الْعلم والحياة قَائِمين بأنفسهما أعنى موصوفين لِأَن جُزْء الْقَائِم بِنَفسِهِ قَائِم بِنَفسِهِ وَقد ثَبت بالأدلة القاطعة أَن الْبَارِي تَعَالَى قَائِم بِنَفسِهِ والمعقول من الْعلم والحياة أَنَّهُمَا صفتان لَا موصوفان فَإِذا تقرر ذَلِك وَثَبت لزم مِنْهُ أَنَّهُمَا زائدان على النَّفس فَإذْ ثَبت ذَلِك فَأَما أَن يقوما بِهِ أَو لَا يقوما بِهِ فَإِن لم يقوما بِهِ لم يَتَّصِف بهما وَلَو جَازَ أَن يَتَّصِف فِيمَا لَا يقوم بِهِ لجَاز ذَلِك فِي حَقنا فَكَانَ يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون علم زيد يَتَّصِف بِهِ عَمْرو وَذَلِكَ محَال ضَرُورَة فَدلَّ ذَلِك على أَنَّهُمَا قائمان بِهِ فَإِذا قاما بِهِ وهما وجودان زائدان على الذَّات حصل من ذَلِك كُله أَن ذَاته وَاحِدَة لَا تركيب فِيهَا وَلَا تعدد وَأَن صِفَاته الزَّائِدَة هِيَ المتعددة وَهَذَا لَا إِحَالَة فِيهِ بل هُوَ الْحق الَّذِي لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلَا بُد لكل نَاظر من الرُّجُوع وَأَن تخبط إِلَيْهِ فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن تفيهم صِفَات الْبَارِي تبَارك وَتَعَالَى وتقدس وتنزه عَمَّا يَقُول الجاحدون والكافرون علوا كَبِيرا

وَهَذِه الطَّرِيقَة البرهانية تجرى فِي كل صفة يدعى ثُبُوتهَا للباري تَعَالَى وَبعد الإنتهاء إِلَى هَذَا الْمحل ينظر هَل أَوْصَافه أزلية أم لَيست أزلية وَالْحق أَنَّهَا أزلية وَلَا مُحرز أَن يكون شَيْء مِنْهَا حَادِثا إِذْ لَو كَانَ شَيْء من صِفَاته حَادِثا للَزِمَ عَلَيْهِ أَن يكون محلا للحوادث وَيلْزم على ذَلِك حُدُوثه تَعَالَى وَهُوَ محَال على مَا يعرف فِي مَوْضِعه فَإِذا تمهد هَذَا الأَصْل قُلْنَا بعده للمتكلم مَعَه الأقانيم عنْدكُمْ لَا تَخْلُو من أَن ترجع إِمَّا إِلَى صِفَاته النفسية أَو إِلَى صِفَاته المعنوية أعنى الزَّائِدَة على النَّفس وَلَا وَاسِطَة بَين الْقسمَيْنِ فَإِن رددتموها إِلَى الْقسم الأول لزمكم مَا تقدم من المحالات حَذْو النَّعْل بالنعل وَإِن رددتموها إِلَى الْقسم الآخر فلأي معنى قُلْتُمْ فِي حد الأقنوم أَنه الشَّيْء المستغنى بِذَاتِهِ عَن أصل جوهره فِي إِقَامَة خَاصَّة جوهريته وَهل الْمَفْهُوم من هَذَا إِلَّا أَنه صفة نفس لِأَن المستغنى بِذَاتِهِ عَن أصل جوهره هُوَ الَّذِي نعبر نَحن عَنهُ بالقائم بِنَفسِهِ ويعبر عَنهُ غَيرنَا من النظار بالموجود لَا فِي مَوْضُوع

وَأَيْضًا إِن كَانَ أَرَادَ هَذَا الْقَائِل أَن الأقنوم هُوَ الصّفة الزَّائِدَة على الذَّات فَيلْزمهُ أَن يَجْعَل الْأَعْرَاض أقانيم فَإِنَّهَا زَائِدَة على الذَّات

<<  <   >  >>