للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهَا

أَنه لَا يبعد أَن يكون الله تَعَالَى رفع الْمَسِيح إِلَى السَّمَاء وصور لَهُم شَيْطَانا أَو غَيره بِصُورَة تشبه صورته فاعتقدوا أَنه هُوَ فصلبوه وَإِلَى هَذَا يشيء سُكُوته حَيْثُ سَأَلُوهُ فَسكت وَلم يجاوبهم وَفِي الْوَقْت الَّذِي تكلم لَهُم نزلت تِلْكَ الصُّورَة نَفسهَا مَنْزِلَته وَهَذَا كُله مُمكن لَا يَدْفَعهُ عقل فَإِن الله على كل شَيْء قدير وَلَا يَدْفَعهُ ايضا نقل

فَإِن كل مَا نقلتموه لَيْسَ نصا قَاطعا وَلَا نقل نقلا متواترا فَحصل من هَذَا أَنكُمْ غير عَالمين بصلبه وَلَا موقنين بقتْله

وَأما الْيَهُود فليسوا أَيْضا عَالمين بِشَيْء من ذَلِك إِذْ لَا يصدقون كتابكُمْ وَلَيْسَ عِنْدهم نقل متواتر بذلك على التَّفْصِيل وغايتهم أَن يعتقدوا على الْجُمْلَة أَن رجلا كَانَ فِيمَا مضى غير بعض أَحْكَام التَّوْرَاة فَشهد عَلَيْهِ بذلك فَقتل وَكِتَابكُمْ يدل على أَنهم إِنَّمَا قتلوا رجلا شهد لَهُم فِيهِ يهوذا الأشكريوث أَنه الْمَسِيح الَّذِي ادّعى أَنه ابْن الله فَحصل من هَذَا أَن الْيَهُود فِي شكّ مِنْهُ وأنكم أَنْتُم على غير علم بِهِ وَهَكَذَا قَالَ كتاب الله النَّاطِق على لِسَان رَسُوله الصَّادِق {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صلبوه وَلَكِن شبه لَهُم وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِيهِ لفي شكّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ من علم إِلَّا اتِّبَاع الظَّن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا بل رَفعه الله إِلَيْهِ وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيما}

وَحين بَينا أَنهم فِي شكّ من الصلوبية يَنْبَغِي أَن نتتبع بِالنَّقْضِ كَلَامهم الْمُتَقَدّم فَنَقُول

أما قَوْلهم من رَحمته على النَّاس أَنه رضى بهرق دَمه عَنْهُم فِي خشيَة الصلب فتواقح لَا يفوه بِهِ من لَهُ من الْحيَاء أقل نصيب يَا عجبا كَيفَ يجترئ أَن ينْطق بِهَذِهِ القبائح عَاقل أم كَيفَ يرضى لنَفسِهِ بِمثل هَذِه المخازي فَاضل وهلا كَانَ يرحم عباده بِأَن يغْفر لأبيهم وَلَا يحْتَاج إِلَى هَذَا كُله أَو لَيْسَ كَانَ يكون غفران الذَّنب أَهْون عَلَيْهِ ابْتِدَاء وأليق بالحكمة وَالرَّحْمَة والرأفة من أَن يُعَاقب من لم يجن ثمَّ ذَلِك المعاقب الَّذِي لم يجن الذَّنب ابْنه بل وَهُوَ عنْدكُمْ

<<  <   >  >>