للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَعَ ذَلِك فَإِذا أَخذ يتَكَلَّم فِي عُلُوم النَّصَارَى وأحكامهم تلجلج لِسَانه وَقصر بَيَانه لِأَنَّهُ ينزل على آرائهم الْفَاسِدَة وتحكماتهم الْبَارِدَة

وَهل يصلح الْعَطَّار مَا أفسد الدَّهْر

نبين لَك يَا هَذَا أَن كَلَامه فِي هَذَا الْفَصْل فَاسد واحتجاجه بَارِد وَذَلِكَ أَنه ادّعى أَن صَوْم الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعِينَ وَاجِب وَحين أَخذ يسْتَدلّ على وُجُوبهَا اسْتدلَّ على وجوب الْأَرْبَعين ثمَّ أخبر أَن علماءهم زادوا من عِنْد أنفسهم ثَلَاثَة أَيَّام

فَنَقُول لَهُم وَهَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام الَّتِي ادعيتم وُجُوبهَا هَل علم مُوسَى وَعِيسَى وَمن بَينهمَا من الْأَنْبِيَاء أَنَّهَا من فرض الصّيام أَو لم يعلمُوا فَإِن كَانُوا قد علمُوا فلأي معنى لم يبلغُوا وَلم يبينوا وَيلْزم مَعْصِيّة الْأَنْبِيَاء من وَجْهَيْن من حَيْثُ أَنهم لم يَصُومُوا مَا هُوَ فرض الله وَمن حَيْثُ لم يبلغُوا الشَّرْع وَذَلِكَ محَال عَلَيْهِم وَإِن كَانُوا لم يعلمُوا وجوب هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَمن أَيْن علم الْجُهَّال أمثالكم وُجُوبهَا وَالْأَحْكَام إِنَّمَا تستند إِلَى أَقْوَال الْأَنْبِيَاء وكتبهم

فَإِن قَالُوا أوجبهَا بولش الْحوَاري قُلْنَا ذَلِك هُوَ الَّذِي أفسد عَلَيْكُم أديانكم وأعمى بصائركم وأذهانكم ذَلِك هُوَ الَّذِي غير دين الْمَسِيح الصَّحِيح الَّذِي لم تسمعوا لَهُ بِخَبَر وَلَا وقفتم مِنْهُ على أثر على مَا تقدم

هُوَ الَّذِي صرفكم عَن الْقبْلَة وحلل لكم كل محرم كَانَ فِي الْملَّة وَلذَلِك كثرت أَحْكَامه عنْدكُمْ وتداولتموها بَيْنكُم

ويدلك على ذَلِك أَنَّك إِذا سَمِعت لَهُ قولا فِي حكم فتكاد لَا تحده إِلَّا مغيرا للْأَحْكَام الْمُتَقَدّمَة مُخَالفا لَهَا فَتَارَة يزِيد وَأُخْرَى ينقص وَأُخْرَى يرفع يعرف هَذَا من وقف على كتبهمْ وعَلى مَا ينقلون عَنهُ ثمَّ لَو سلمنَا أَنه لم يفعل شَيْئا من ذَلِك لما كَانَ يَنْبَغِي لكم أَن تَأْخُذُوا بقوله وتتركوا فعل مُوسَى وَعِيسَى والياس وَقَوْلهمْ

وَهل فعل ذَلِك إِلَّا جهل لَا يَنْبَغِي أَن يُصَار إِلَيْهِ وَلَا يلتزمه أحد حكما عَلَيْهِ فَإِن المبلغين عَن الله المبينين شرع الله إِنَّمَا هم مُوسَى وَعِيسَى وَمن تنزل مَنْزِلَتهمْ وبإتفاق مِنْكُم أَن بولش

<<  <   >  >>