من ذَلِك الْخَبَر الْمَشْهُور الْمَعْلُوم الْمَذْكُور عَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة وَالْأَئِمَّة أَن يَهُودِيَّة بِخَيْبَر أَهْدَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة مشوية فسمتها فَأكل مِنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأكل الْقَوْم مَعَه فَقَالَ ارْفَعُوا فَإِن هَذِه الشَّاة أَخْبَرتنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة ثمَّ قَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ مَا حملك على مَا صنعت قَالَت إِن كنت نَبيا صَادِقا لم يَضرك الَّذِي صنعت وَإِن كنت ملكا أرحت مِنْك فَقَالَ مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطك على ذَلِك فَقَالُوا نقتلها قَالَ لَا فَلم يزل أثر تِلْكَ الْأكلَة فِي لَهَوَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَالَ فِي وَجَعه الَّذِي مَاتَ مِنْهُ مازالت أَكلَة خَيْبَر تعاودني فَالْآن قطعت أَبْهَري
قَالَ ابْن إِسْحَق إِن كَانَ الْمُسلمُونَ لَيرَوْنَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ شَهِيدا مَعَ مَا أكْرمه الله بِهِ من النُّبُوَّة
وروى هَذَا الحَدِيث من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَزَاد فِيهِ فَبسط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده وَقَالَ كلوا بِسم الله فأكلنا وَذكرنَا اسْم الله فَلم تضر أحد منا إِلَّا مَا ذكر من موت بشر بن الْبَراء
وَفِي هَذَا الحَدِيث أَنْوَاع من دلالات نبوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نطق الْمَيِّت وَذَلِكَ أَن الشَّاة كَلمته بعد أَن شويت وَأَنَّهُمْ أكلُوا السم وَلم يضرهم وَفِي موت الْبَراء دَلِيل على أَن الَّذِي أكلوه سم قَاتل وَبِذَلِك اعْترفت الْيَهُودِيَّة وَقَالَت أردْت قَتلك فَأَرَادَ الله أَن يُمِيت أحدهم ليعلم أَن الَّذِي أكلوه سم وَأَن يحيى جَمِيعهم آيَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن آيَاته فِي هَذِه الْقِصَّة تَأَخّر مَوته بالسم دون عِلّة لَزِمته مِنْهُ نَحْو عشْرين سنة وَهَذِه كلهَا أُمُور خارقة للعادات فَهِيَ من أوضح الدلالات
وَمن ذَلِك مَا روى عَن فَهد بن عَطِيَّة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بصبي قد شب لم يتَكَلَّم قطّ فَقَالَ لَهُ من أَنا فَقَالَ أَنْت رَسُول الله