اعْلَم أَيهَا الْعَاقِل وفقك الله أَن النَّصَارَى أَضْعَف النَّاس عقولا وَأَقلهمْ فطنة وتحصيلا فهم لذَلِك يَعْتَقِدُونَ فِي الله المحالات وَيُنْكِرُونَ الضروريات ويستندون فِي أحكامهم إِلَى الخرافات فَتَارَة يسندون قضاياهم إِلَى منامة رأوها أَو خرافة سمعوها وَمَا وعوها وَأُخْرَى تحكم فيهم متقسس جَاهِل بمحض الْجَهْل والهوى والأباطل من غير أَن يسْتَدلّ على جَوَاز شَيْء مِمَّا يُرِيد أَن يفعل من الأفاعيل لَا بتوراة وَلَا بإنجيل بل قد يعرض عَن نُصُوص الْكِتَابَيْنِ ويتأولهما تَأْوِيل منسلخ عَن الملين وَرُبمَا تنزل بهم عِظَام النَّوَازِل فيجتمعون لَهَا فِي المحافل فيتحكمون بأهوائهم وَيَقُولُونَ فِيهَا بآرائهم فيحلون مَا حرم الله ويحرمون مَا أحل الله {افتراء على الله قد ضلوا وَمَا كَانُوا مهتدين}
وَنحن نبين ذَلِك ونستدل عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى على طَريقَة الْإِنْصَاف من غير اعتساف فَأَما كَونهم يَعْتَقِدُونَ فِي الله المحالات وَيُنْكِرُونَ الضروريات فقد بَيناهُ فِيمَا تقدم فَمن أَرَادَ أَن يعرف ذَلِك فليعد نظرا هُنَالك
وَأما كَونهم يستندون فِي أحكامهم إِلَى الترهات والمنامات فَيدل عَلَيْهِ مَا حكيناه فِيمَا تقدم من خبر بولش فَإِنَّهُ احتال عَلَيْهِم حَتَّى صرفهم عَن دين الْمَسِيح وَقَوْلهمْ من الْمذَاهب والآراء كل قَبِيح فصرفهم عَن قبلتهم وَأحل لَهُم مَا حرم عَلَيْهِم وَفرق جَمَاعَتهمْ وشتت كلمتهم فتم لَهُ كل مكر على كل غبي غمر وَقد قدمت حَدِيثه فِي بَاب النبوات على الْوَفَاء وَكَذَلِكَ خبر قسطنطين