فَإِن ثَبت هَذَا الَّذِي ذَكرُوهُ فِي كتبهمْ تَعَالَى الله والأنبياء عَن قَوْلهم فَهَذَا الشّعب الَّذِي ذَكرُوهُ فِيهِ هَذِه الْفَوَاحِش لَيْسَ هُوَ شعب النَّبِي إِسْحَق بل هُوَ شعب غدر ونفاق وزنى وَكفر وَكَيف يَصح أَن تكون هَذِه الْأَفْعَال القبيحة أَفعَال أهل نبوة صَحِيحَة بل كل ذَلِك نَاقض للنبوات لَا سِيمَا مَعَ دُعَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق لذريتهما بِالْبرِّ والبركات فَإِن كَانَ هَذَا شعبهما الَّذِي دعوا لَهُ بِالْبرِّ وَالْبركَة فدعاؤهما غير مسموع وقولهما مَرْدُود مَدْفُوع
ثمَّ هَذِه الحكايات الوخيمة الْفَاحِشَة غير المستقيمة فِي التَّوْرَاة لَهَا أُمُور أخر تعارضها بل وأدلة الْعقل تناقضها
من ذَلِك مَا حكى فِيهَا من مدح لوط على لِسَان إِبْرَاهِيم وشهادته لَهُ بِالْبرِّ وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى لما أعلم إِبْرَاهِيم بِأَنَّهُ يُرِيد أَن يهْلك سدوم وعمورا وهما مسكن قوم لوط قَالَ يَا رب أتهلك الْأَبْرَار مَعَ الْفجار يعْنى بالأبرار لوطا وبنتيه فسماهم أبرارا وَشهد لَهُ بذلك بَين يَدي الله تَعَالَى وَكَيف يَصح أَن يكون ابنتا لوط من الْأَبْرَار ويوقعان أَنفسهمَا فِي أَن يزنى بهَا أَبوهُمَا نَبِي الله ثمَّ لم يعصمه الله تَعَالَى من مثل هَذِه الرذيلة ثمَّ إِن الله شهد عَنهُ هَذِه الفضيحة الَّتِي يتحدث بهَا على مد الدَّهْر مَعَ أَنه لم يسمع قطّ من المتشرعين من أجَاز نِكَاح الْبَنَات وَهل هَذَا من ناقله وناسبه إِلَى الله إِلَّا جرْأَة وتواقح على الله
وَكَذَلِكَ مَا كتبوه فِيهَا من الحكايات الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي ذُرِّيَّة إِسْحَق يُعَارضهُ مَا حكوا فِيهَا عَن الله أَنه قَالَ لإِبْرَاهِيم فِي غير مَوضِع مَا مِنْهَا لأباركك بركَة تَامَّة ولأكثر نسلك ويتبارك بنسلك جَمِيع الشعوب لِأَنَّك أطعتني